الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تراودني وساوس وأفكار وضع السم من قبل أصدقائي.. فكيف أتغلب عليها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

نشكركم هيئة المنظمين لهذا الموقع المبارك على جهودكم المبذولة، وأسأل الله أن يجعلها في ميزانكم.

عمري 19 سنة، وأعاني من مرض الوسواس القهري منذ حوالي سنة ونصف، بدأ معي الأمر عندما كنت في السنة الختامية من التعليم التأهيلي(الباكالوريا)، عند انتهائنا من الفصل الدراسي ذهبنا إلى مطعم، وبحكم أني لم أكن أحمل مالا للاقتناء، اشترى لي أصدقائي، منذ تلك الليلة أصبحت تراودني أفكار في كونهم دسوا لي سما ليقللوا من قدراتي العقلية.

علما أنني كنت متفوقا في دراستي، وكان مستواي الدراسي أحسن بكثير من أصدقائي، منذ ذلك الحين آمن عقلي بتلك الأفكار الوسواسية، وأصبحت فعلا أجد صعوبة في الفهم والدراسة، فكلما أردت أن أذاكر راودتني الأفكار فأتراجع، إلى أن أصبحت أكره الدراسة وضعف مستواي.

أصبحت لا أثق في طعام أحد، وأمتنع عن إمساك الطعام من زملائي، والخروج معهم، وإذا ما كنت حاملا طعامي وصادف أن التقيت بهم أحس أنهم دسوا لي سما في لحظة غفلة مني، فتراودني أفكار في أن أمتنع عن أكله، لكنني آكله لأنه للتغلب على الوسواس عليك تجاهله، وفعل عكس ما يأمرك به.

وقائمة الوساوس كثيرة تصب في هذا الجانب، ولا يتسع المقام لذكرها، للعلم فإني ذهبت إلى طبيب، ووصف لي دواء no dep كبسولتين يوميا، لكن لا أحس بتغير واضح، ساعدوني من فضلكم، فإن مستقبلي في ضياع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في الشبكة الإسلامية.
الوساوس -أخي الكريم- أكبر إشكالية تحدث منها هو إذا حاول الإنسان أن يفسّرها أو يُحلِّلها أو ينسجم معها أو يحاول أن يُطبق عليها المنطق، هذا يُؤدي إلى مزيد من إلحاح الوساوس، بل استحواذها، والطريقة الصحيحة هي أن تحقّر الوسواس، وألَّا تناقشه، بل تخاطب أي فكرة وسواسية قائلاً: (قف، قف، قف، أنتِ فكرة حقيرة)، وتُكرر هذا لمدة دقيقتين، ثم تنتقل لتمرين آخر، بأن تستبدل الفكرة الوسواسية بفكرة أفضل منها وأجمل منها، أي شيء في حياتك جميل - وأنا متأكد أن لك أشياء جميلة - تذكّره بدل الفكرة الوسواسية.

والتمرين الثالث نسميه بالتنفير، اجلس في مكان هادئ، في الغرفة، اجلس مثلاً أمام طاولة أو أي جسم صلب آخر، وقم بالضرب على يدك بقوة وشدة حتى تحس بالألم. اربط هذا الألم مع الفكرة الوسواسية. كرر هذا التمرين عشرين مرة متتالية ... وهكذا. هذا نوع من التمارين الجيدة جدًّا.

والأمر الثاني هو: ألَّا تترك مجالاً للفراغ، الفراغ الزمني أو الفراغ الذهني دائمًا يعطي فرصة للوساوس، فأحسن إدارة وقتك.

وأنت - أيها الفاضل الكريم - في بدايات سِن الشباب، أمامك فرصة عظيمة جدًّا، أحسن إدارة وقتك، النوم الليلي المبكّر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ، يستيقظ الإنسان مبّكرًا، يُصلي الفجر في وقته، وما أجملها من بداية، فالبكور فيه بركة عظيمة، والذي يستفيد من هذا الوقت - أي بعد الصلاة - للدراسة سوف يجني ثمارها إن شاء الله تعالى، لأن هذا هو وقت التركيز، ووقت التفاؤل.

وأنصحك أيضًا بممارسة الرياضة، وأن ترفّه عن نفسك بما هو طيب وجميل، وأن تكون حريصًا على بر والديك. هذه كلها شروط علاجية مهمّة جدًّا.

أمَّا بالنسبة للدواء فالدواء مهم، وعقار (نوديب no dep) ممتاز، اصبر عليه ليتم البناء النفسي، وهو يُعالج الوساوس، وكذلك يُحسّن المزاج. وأريدك أيضًا أن تُدعمه بدواء آخر يُسمَّى (رزبريادون) بجرعة واحد مليجرام ليلاً لمدة شهرين. السبب في إضافة الرزبريادون هو أنه داعم للدواء الآخر، كما أن وساوسك ذات طابع ظناني وشكوكي، وهذا إن شاء الله تعالى - أي الرزبريادون - يقضي على ذلك تمامًا. يمكنك أن تستشير طبيبك في اقتراحي هذا، وأنا متأكد أنه سوف يوافق عليه.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً