الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل الملابس تعبر عن الأخلاق؟

السؤال

السلام عليكم

عمري ٢٠ سنة، طالبة، أغلب الأحيان نرى من يقول: هذه لبسها غير محتشم إذن هذه بلا أخلاق، أو هؤلاء معقدون، أما المتحضرون والمثقفون يقولون بأن الملابس لا تعبر عن الأخلاق، فكم من محتشمة بلا أخلاق، وكم من حرة بالملبس عندها أخلاق.

أنا أتماشى معهم، لكن قناعتي ورأيي هو أن الملابس والأخلاق ليست للمقارنة، لأن الدين فرض الستر، والدين علمنا الأخلاق، فهما جزءان من الدين.

ويقولون: الأجانب أفضل من العرب بالأخلاق، وهم بلا دين وإسلام، وهذا أيضاً أراه خطأ؛ لأن الأجانب بلا حدود، فمتى يريدون أن يعصوا رب العالمين فإنهم يفعلون، كما أن المعاصي متاحة!

وإذا أكرم الأجانب الضيف، ولم يقاطعوا المتكلم، ويعطفوا على الصغير ويحترموا الكبير، ويساعدوا بعضهم، فهذه أخلاق.

أما العرب المسلمون فإن الإسلام علمنا وأدبنا للخير والأخلاق، ومساعدة الآخرين، ولا يصلح مقارنة الدين والأخلاق؛ لأنها جزء من الدين، ونحن بريؤون ممن يشوهون الدين وممن بلا أخلاق وهم مسلمون؛ لأن الدين كامل، وهو دين الأخلاق، ولا يصح قياس الدين بالأخلاق ولا الملابس بالأخلاق؛ لأن هذا كمثل قول: اعتنق الإنسانية ثم اعتنق ما شئت من الديانات، وهذا قول خاطئ.

أخبروني ما رأيكم بكل هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زنايب حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك وأن يتقبل منك الصيام والقيام وسائر الأعمال.

أختنا الكريمة: دعينا أولا نبرز مكانة الأخلاق في الإسلام لأنها المنطلق الصحيح:

أولا: مكانة الأخلاق في الدين عظيمة ويكفى ان النبي صلى الله عليه وسلم بين أن رسالته كانت بهدف إصلاحها صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما بُعِثت لأُتمم صالح الأخلاق) وبين النبي كذلك أن البر وهو حسن الخلق، فعن النواس بن سمعان الأنصاري قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال: (البِرُّ حُسْن الخُلُق).

وجعل الإسلام حسن الخلق من مرجحات ميزان العبد في يوم القيامة، فعن أبي الدرداء قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من شيء يُوضَع في الميزان أثقل من حُسْن الخلق، وإن صاحب حُسْن الخُلُق لَيَبلُغُ به درجة صاحب الصوم والصلاة).

وهي كذلك من مرجحات كمال الإيمان فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خُلُقًا، وخياركم خياركم لنسائهم خُلُقًا).

وإن من أهم عناصر الخيرية المُطلَقة بين المؤمنين هو تحليهم بالأخلاق الفاضلة، والخِصال الحميدة، قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن من أخيركم أحسنكم خلقًا).

وأقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاسنهم أخلاقا، فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(ألا أُخبِركم بأحبكم إليَّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة؟)، فسكت القوم، فأعادها مرتين أو ثلاثًا، قال القوم: نعم يا رسول الله، قال:(أحسنكم خُلُقًا).

وهذا يبرز لنا مكانة الأخلاق في الإسلام، وأنها عبادة وقربة يتقرب بها العبد إلى ربه.

ثانيا: بالنسبة للملابس الضيقة الأمر فيها لا يعود ابتداء إلى الأخلاق، وإنما يعود إلى الحكم الشرعي، وعدم التفريق بين الحكم الشرعي والسلوك الأخلاقي هو من جر المتحدث معك إلى ذلك.

وكان من المفترض أن نسأل ما حكم الشرع في هذه الملابس، فإن قال بحرمتها فهي حرام وفاعلتها آثمة.

فمثلا وضع الإسلام شروطا للباس المرأة منها:
1-أن يكون مستوعباً لبدنها.‏
2- ألا يكون زينة في نفسه.
3- أن لا يشف فالستر لا ‏يتحقق بالشفاف، بل الشفاف يزيد المرأة زينة وفتنة.
4-أن يكون فضفاضاً غير ضيق.‏
5-ألا يكون مبخراً أو مطيباً، لأن المرأة لا يجوز لها أن تخرج متطيبة لورود الخبر ‏بالنهي عن ذلك.
6-ألا يشبه لباس الرجال، لقوله صلى الله عليه وسلم :" ليس منا من تشبه ‏بالرجال من النساء، ولا من تشبه بالنساء من الرجال ".
7-ألا يشبه لباس نساء الكفار، لما ثبت أن مخالفة أهل الكفر وترك التشبه بهم من ‏مقاصد الشريعة.
8-ألا يكون لباس شهرة وهو كل ثوب يقصد به الاشتهار بين الناس.‏

هذه الشروط إذا خالفتها المرأة يقال عنها آثمة، لكن هل يقال: لباسها دال على أخلاقها السيئة؟ هذا تجاوز في الحكم، فإننا نقول عاصية لله بترك ما أمرها به من التستر، ولا نحكم بعد ذلك على أخلاقها، ولا نتجاوز الحد المسموح به.

ثالثا: قد تكون أخلاق بعض المسلمين سيئة، وقد تكون أخلاق بعض المسلمين سيئة، لكن مرد ذلك إلى طبيعة الشخص، وعدم التزامه بأمر دينه، والإسلام لا يقره على ذلك، وعليه فلا يجوز أن يستدل على سوء البعض بفساد المنهج، ولا على صلاح البعض بحسن المنهج، إنما ينظر في المنهج ذاته هل داعم للسوء فيعد مثله، أم داعم للحسن فيمدح.

وفي الختام كانت إجاباتك سديدة أختنا لا سيما إذا كانت المنطلقات لها ما قعدناه آنفا، وفقك الله وثبتك على الحق، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات