الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوفق بين العمل والزواج والدراسة ومستواي المادي ضعيف؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب عشريني طالب أدرس الماجستير، لكني لا أملك مالا، وأهلي فقراء، وقد كنت أعمل أعمالا تجارية إلى جانب الدراسة، وأقدمت على خطبة فتاة ملتزمة ومن أسرة طيبة، واتفقنا على موعد الزواج بعد سنة.

لكن بعد فترة تشتت أهدافي، وكثر علي الدين، وخسرت عملي التجاري، وقد اقترب موعد زواجي، لم يتبق سوى شهرين، وقد حصلت على قرض حكومي زهيد بالكاد يمول مشروعا تجاريا صغيرا، وأصبحت في حيرة ومشتتا، هل أقدم على الزواج وأزيد الطين بلة، أم أؤخره إلى أجل غير مسمى؟ علما أن ذلك سيكون له تأثير على الفتاة وأهلها، فقد قالوا عند خطبتي بأن المال لا يهمهم، لكن لا يمكن في الحقيقة الزواج بدون المال، أم أتزوج من هذا القرض، أم أترك كل ذلك وأركز على دراستي؟ أنا محتار ومشتت العزيمة، للأسف لم أستطع حلا لمعضلتي.

كيف أجمع بين الزواج والعمل والدراسة، وأنا مستواي المادي ضعيف جدا، ومتميز في دراستي -ولله الحمد-، والفتاة التي خطبتها أهلها ينتظروني، وهم فرحون وهي كذلك، وقد شرحت لها ظروفي المادية تقريبا، وهي تريد مني الزواج فقط، لا يهمها وضعي المادي، ماذا علي أن أفعل وقد اجتمعت الحاجة للزواج والعمل والدراسة، وديوني كثيرة ولا أملك من المال إلا مبلغ القرض الحكومي القليل؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام، ونهنئك على التفوق في الدراسة، نسأل الله أن يجمع بينك وبين الفتاة على الخير، وأن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يملأ يديك بالغنى والخير والمال، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

حقيقةً ينبغي أن تستمر في مشروع الزواج، فخير البر عاجله، والله تبارك وتعالى هو الذي يقول: {إن يكونوا فقراء يُغنهم الله من فضله}، والسلف فهموا هذا فكان قائلهم يقول: (التمسوا الغنى في النكاح)، نسأل الله أن يكون الزواج سببًا لغناك، فطعام الاثنين يكفي الأربعة، والزوجة تأتي برزقها، نسأل الله تبارك وتعالى أن يوسّع عليك.

ولا مانع مع هذا من أن تتخذ الأسباب، فتجتهد في البحث عن عمل، أو البحث عن مؤسسات خيرية يمكن أن تساعدك، أو البحث عن آخرين يمكن أن يتفهموا وضعك ويقفوا معك، فالإنسان في هذه الحياة يحتاج إلى أن يُساعد الآخرين ويُساعدوه، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يستمر هذا التفهم من الفتاة وأهلها لظرفك، وفعلاً هذه أسرة عاقلة، حريصة عليك، وهذا يظهر أنك متميّز، فنسأل الله أن يُعينك على الخير.

ونحب أن نقول: قلّة المال لا تقف عائقًا أمام الزواج، ومع ذلك الإنسان أيضًا عليه أن يفعل ما أمر به الشرع، {فامشوا في مناكبها}، عليه أن يسعى، ويبذل ويجتهد ويحاول، ويطرق الأبواب، ثم يتوكل على الكريم الرزّاق، فالمؤمن يفعل الأسباب ثم يتوكل على العزيز الحكيم، قال تعالى: {ومن يتوكل على الله فإن الله عزيزٌ حكيم}، وقال: {ومن يتوكل على الله فهو حسبُه}، وقال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}.

وإذا كانت الظروف واضحة وشرحتها للفتاة، وأهل الفتاة على علمٍ بذلك؛ فنتمنَّى ألَّا تتأخّر في مشروع الزواج، ولا تكلّفوا أنفسكم ما لا تُطيقون، والأشياء اليسيرة (أثاث البيت وغيره) خير من الأشياء الكثيرة والمكلفة ماديًّا، والله تعالى في عون مَن يريد العفاف، كما جاء في الحديث: (ثَلَاثَةٌ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ عَوْنُهُمْ: المُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَالمُكَاتَبُ الَّذِي يُرِيدُ الأَدَاءَ، وَالنَّاكِحُ الَّذِي يُرِيدُ العَفَافَ)، إذًا طالما أنت تريد العفاف وتريد الحلال فسيكون الله تعالى عونًا لكم على مزيد من النجاح ومزيد من التوفيق.

هذا رأينا، وأنت أيضًا عليك أن تنظر في حالك وتستخير وتستشير أهل الخبرة من إخوانك ممَّن يعرفون ظرفك والبيئة التي أنت فيها.

ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً