الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل ما أشكو منه وسواس أم ماذا بالضبط؟

السؤال

السلام عليكم.

كنت من الناس الذين يستمعون إلى الأغاني دائما، لكن الحمد لله الله هداني وصرت أقرأ القرآن دائما وأتمعن بالمعاني، والتزمت بالصلاة الحمد لله، لكن هناك صوت أسمعه بداخلي يسب الله، أحاول تجاهله لكنه يتكرر، وعندما بحثت وجدت أنه وسواس، قلت الحمد لله أني عرفت ما يكون، لكن هناك ما يحيرني: وهو أن الوسواس من الشيطان وهذا الشيء بدأ معي برمضان، وعلى حسب علمي أن الشياطين تكون مكبلة في رمضان! فما هو هذا الذي معي؟ كيف أتخلص منه؟

تعبت وصرت أشك بإسلامي! اللهم فرج كربنا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ noor حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -ابنتي الفاضلة-، ونحن سعداء بتواصلك معنا على موقع استشارات إسلام ويب، وبخصوصِ ما تفضلت بالسُّؤال عنه فأقول:

• بداية من نعمة الله -عز وجل- عليك أن وفقك لطاعته وأصبحتِ من أهل الصلاة وقراءة القرآن، وهذا من نعم الله العظيمة التي تحتاج من العبد كثير شكرٍ.

• واعلمي -ابنتي- أن الإنسان في هذه الحياة في صراع مستمر مع الشيطان، وقد أخبرنا الله عنه (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)، ولما رأى الشيطان منكِ من الانتصار عليه في باب الأغاني وترك الصلاة، بأن أصبحتِ من أهل الصلاة والقرآن، جاء الآن من باب الوسوسة، ولكنه مدحورٌ بإذن الله، وصدق الله إذا قال: "إن كيد الشيطان كان ضعيفاً". وانتصاركِ على الشيطان بترك الأغاني والمحافظة على الصلاة والقرآن يدل على قوتكِ وشجاعتكِ وأنكِ بإذن الله في انتصارٍ دائمٍ عليه.

• أما ما يتعلق بالوسواس فهذا من ضعف الشيطان حيث لم يستطع على المؤمن فعاد إلى الوسوسة؛ ولذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة»؛ أي رد كيد الشيطان، ومعنى ذلك أن الشيطان إذا عجز عن صد المسلم عن دينه صار يلقي الوساوس فتؤذي صاحب الإيمان، وتسبب له القلق، خصوصاً إذا كان يجهل أنها لا تضره ولا تقدح في إيمانه، فيخشى على إيمانه ويقلق، ولذلك من رحمة الله بعبده المؤمن أنه لا يؤاخذه ولا يحاسبه على الخواطر السيئة والوساوس، ما دام المؤمن لا يصدقها، بل يبغضها ويكرهها، وقد أرشد ـ صلى الله عليه وسلم ـ من ابتلي بهذه الوساوس أن يستعيذ بالله ويعرض عن التفكير فيها، قال صلى الله عليه وسلم: «...، فليستعذ بالله ولينته».

• ابنتي العزيزة من أكثر ما يذهب وساوس الشيطان العلم الشرعي، يقول الإمام ابن الجوزي: "اعلم أن الباب الأعظم الذي يدخل منه إبليس على الناس هو الجهل، ...، وأما العالم فلا يدخل عليه إلا مُسارقة".

• وأما الوسوسة في رمضان والشياطين مقيدة، فقد جاء في الحديث توضيح ذلك بقوله: (وَيُصَفَّدُ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ، فَلَا يَخْلُصُوا إِلَى مَا كَانُوا يَخْلُصُونَ إِلَيْهِ فِي غَيْرِهِ)، فالتصفيد هو لمردة الشياطين، ثم أن تصفيدها لا يمنع من حركتها، فليس المراد أن الشياطين لا تتحرك أبدا بل هي تتحرك، وتضل من تضل، ولكن عملها في رمضان ليس كعملها في غيره، بل أقل وأضعف.
وقال الإمام القرطبي: "ثم إن للمعاصي أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة وشياطين الإنس".

حفظك الله وصرف عنك الشر وأهله والوساوس وشياطينها.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً