الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أبي دائم التأنيب لي أمام الناس، فما الحل؟

السؤال

السلام عليكم.

أعاني من أسلوب أبي منذ سنوات، فهو يقوم بالتأنيب بدرجة لا توصف، حتى أنه يؤنبني ويحرجني أمام الناس فما الحل؟

تزوجت منذ فترة، ووصلني أنه يقول عني في غيابي كلاما لا يصح أن يقوله أي أب لزوجة ابنه، أوليس الأب من المفترض أن يرفع مقام ابنه حتى لو كان -سيئا-؟

أنا شاب متعلم وخلوق ولا ينقصني شيء -الحمد لله-، فعندما أرى كيف يعامل الآباء أبناءهم بالأخص أمام الناس أشعر بغصة في قلبي.

للعلم هو ليس سيئا من جميع النواحي، قد ساعدني ماديا بشكل كبير في الدراسة والزواج، وباقي الأمور الأخرى، ولكن حتى الجانب الجيد قد أفسده بتأنيبه لي، فقد كان دائما يؤنبني، ويمن علي في كل مرة يعطيني فيها مالا! أولم يقل الله -سبحانه وتعالى-: (ولا تمنن تستكثر)؟! أوليس هذا واجب ومسؤولية كل أب تجاه أبنائه، كما هي مسؤوليتي عندما أرزق بطفل؟

للعلم أنا شاب مؤمن ولست عاقا، وأعرف أهمية بر الوالدين، ولكن كما أن هنالك حقوقا لهم علينا فلنا أيضا حقوق عليهم، فبرّهم من برّنا، ومن يزرع يحصد.

أصبحت أتقصد تجنبه، خصوصا عندما يكون هنالك أشخاص بجانبه تجنبا للإحراج والتأنيب، وقد أصبحت أشعر بأنني أنتظر وفاته حتى أرتاح.

حاولت أن أخبره بذلك ولكنه لا يتقبل كلامي، وبوجهة نظره أن الأب يحق له أن يفعل أي شيء حتى لو أهانك فواجبك أن تقبل قدمه.

كانت غايتي من الاستشارة لإيجاد الحل، أو لأنني أنفعل عليه في بعض الأحيان من شدة ضيقي من كلامه وتأنيبه، وأعلم أنني مخطئا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ayham حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن والدك الكريم سبب وجودك في تلك الحياة، وقد أُمرت ببره حتى ولو كان مشركا، مصداقا لقوله (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا) وقال في الوالد المشرك: (وَإِن جَاهَدَاكَ عَلَىٰ أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا).

فمن بلاء الدنيا: عدم اختيار الإنسان لوالديه، فالإنسان مُجبر على التعامل مع والديه بطباعهم وصفاتهم وأخلاقهم، دون تخيير منه، لذلك وجب عليك بره والتعامل معه بالحسنى، حتى وإن لم يرق لك طباعه وخلقه، وهذا عين الابتلاء، وكل تلك المقدمة ليس من ديباجات النصح ولكنها تذكرة لك بالأجر عند الله، وزيادة رصيدك من الصبر.

من الوسائل اللطيفة التي تحقق التوازن بين البر والنصيحة للوالدين: هي تقديم النصيحة للوالد عبر أحد أصدقائه أو إخوانه الذي يسمع منهم، دون أن يشعروه بأنك قد نسقت معهم لإسداء النصيحة، فلعل التذكرة منهم كونهم قرناء له تجد في قلبه أثرا.

من الوسائل أيضا: معاملة أبنائك أمامه بالمعاملة التي ترجوها أن يعاملها لك، في تذكير غير مباشر له بالإشكال الذي تواجهه معه؛ لعله من ذلك التعامل يفطن لما تحتاجه أنت من تقدير وإيقاف التأنيب.

حاول أيضا كتابة رسالة له في ورقة، واتركها له بحيث يقرأها، بح له فيها بكل ما تشعر من سوء لتلك المشكلة، فأحيانا إسداء النصيحة عبر الكتابة تكون مقبولة عن النصيحة الشفهية.

أما عن الوسائل التي قد تعينك على بره، فهي تذكر ما كان له من عمل صالح معك، ولعلك قد ذكرت في سؤالك أنه قد ساعدك في أمر زواجك ودراستك، وهذا أمر ليس بالهين، ولعل تذكر الإيجابيات له من التأثير الجيد على النفس، فتأثيره كتأثير الماء بالنار، فهو يطفىء نار مشاعر السخط داخلك، ويوازن نظرتك للشخص أيا كان.

وفقك الله لما فيه الخير وزادك برا بأبيك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً