الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تنتابني أحيانا نوبات من الغضب والقلق والاكتئاب، فكيف أسيطر عليهم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب، عمري ٣٤ عامًا، تم تشخيصي منذ حوالي ٨ أعوام كحالة اكتئاب وقلق شديد، وعلى مدار 12عاما الماضية كنت أعاني من نوبات هلع (من قبل التشخيص وبعده).

تنقلت بين الأطباء والأدوية النفسية إلى أن اشتدت حالتي جدا بعد انفصالي عن خطيبتي لتنتابني نوبات غضب تدفعني لضرب رأسي ويديّ بالحائط، وأثناء النوم أصرّ على أسناني، وأقوم بضرب الفراش بلا وعي، وعلمت ذلك من أمي، ولاحظت أحيانا أنني أستيقظ فجأة والفراش مبعثر ويداي تؤلماني.

كنت أحيانا أتناول دواء الترمادول للترفيه عن نفسي، ثم أمتنع عنه لفترات طويلة، وأعود مجددا وهكذا
فقط من باب أنه يعطيني الدافعية، حاليا توقفت عنه.

الأدوية التي وصفها لي الطبيب النفسي هي: (ايفكسور ١٥٠ حبة صباحا+ كويتياديل ٢٠ حبة في المساء+ نصف حبة ميرتيماش٣٠ في المساء)، ولكني أعاني من توتر شديد بسبب ضغوط العمل فأشعر بصعوبة في التنفس، وشعور بانتفاخ عروق الرقبة، وإحساس كأن رأسي منفوخا ككرة القدم، وعصبيتي تزداد حتى أنني كدت أن أفقد عملي بسبب عصبيتي؛ لأنني أحيانا تنتابني نوبات غضب لا أستطيع التحكم فيها ثم لا ألبث أن أندم على ما فعلت وكأن من فعل ذلك شخصا آخرا.

نصحني الأطباء بالرياضة، وممارسة الهوايات المفيدة، ولكني لا أجد في نفسي أي دافع للقيام بتلك الأشياء حتى وإن فعلتها أشعر وكأني أقوم بقضاء واجب لا أكثر أي أنها في ذاتها تمثل عبئا.

ومؤخرا أصبحت لا أثق لا في الأدوية ولا في العلاج النفسي، وأكاد أفقد الأمل أن لذلك الاكتئاب والقلق علاجا من الأساس، علما بأني خاطب ومقبل على الزواج، وعلاقتي جيدة بخطيبتي، ولي أصدقاء وزملاء ويحبونني.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علاء حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أخي الفاضل، وأشكرك على تواصلك معنا عبر الشبكة الإسلامية، والشكر لك على التفاصيل التي وردت في سؤالك.

لا شك واضح من سؤالك أنك قد عانيت كثيرًا، فتقريبًا ثلث حياتك وأنت مع هذه المعاناة من الاكتئاب والعصبية وغيرهما، ولا شك أيضًا – كما هو واضح من سؤالك – أنك مررت بالعديد ممّا نسميه في الصحة النفسية بـ (أحداث الحياة الصعبة)، هذه الأحداث تتراكم ويتراكم فعلها، وتُوصلُ بالإنسان إلى ما وصلت إليه من الاكتئاب والعصبية، وأعتقد أن الاكتئاب وبعض الأعمال التي تقوم بها وأنت نائم إنما هي مؤشّرٌ للغضب الكثير المحبوس في داخلك، والذي يُريد أن يخرج.

هناك طريقتان لخروج هذه المشاعر المكبوتة: إمَّا طُرق صحية أو غير صحيّة، أمَّا الطُّرق غير الصحيّة والتي لا ننصح بها وننبهُك إلى تجنُّبها هي: العصبية، واستعمال الترامادول، والذي أريد أن أحذرك أن تعود إليه لا قدر الله.

أمَّا الطرق الصحية لتفريغ ما تشعر به من الغضب فمتعددة، كبناء العلاقات الطيبة، وسُعدتُّ أنك ذكرت أن لديك أصدقاء وزملاء يُحبُّونك، وهذا كنزٌ عظيم. كذلك من الطرق الصحية لتفريغ ما تشعر به ممارسة الرياضة، الرياضة أيضًا أمرٌ هامٌّ جدًّا، فالرياضة مضادة للاكتئاب.

لن أقوم بتغيير الأدوية الموصوفة لك والتي ذكرتها في سؤالك، ولكن أدعوك للاستمرار عليها والمتابعة مع طبيبك المُشرف على علاجك، مع نصحي لك بأن لا تُعدّد الأطباء، ولكن لابد مع الدواء من أن تُضيف إليه تغيير نمط حياتك، بحيث يكون نمط حياتي صحي، ممّا يُخفف الأعراض ويُحسّن صحتك النفسية، وأهمُّ شيء في الحياة الصحية أربعةُ أمور:

- الأول: المواظبة على العبادة والصلاة والذكر وتلاوة القرآن، فهذا يُريح الضمير ويعطيك الهدوء والطمأنينة، قد أشار القرآن إلى ذلك بقوله: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} ما الحل؟ الحل: {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}، وفي قوله: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب}.

- الثاني: النوم لساعات مناسبة، وأفضل النوم هو النوم في وقت الليل مبكّرًا.

- الثالث: التغذية الصحية المناسبة التي يختصر في قوله صلى الله عليه وسلم: (حَسبُ ابنِ آدَمَ أكَلاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ فَإن كانَ لا مَحَالَةَ ‌فَثُلُثٌ ‌لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ).

- ورابعًا – ما لا تريد أن تسمعه مني رُبّما – الرياضة، الرياضة نعم أحيانًا يمكن أن تكون عبئًا كمرارة الدواء، إلَّا أنه لابد من الدواء، ومتى قضيت بعض الوقت في ممارسة الرياضة – وإن كانت بسيطة كالمشي – فستبدأ تشعر بلذة ممارستها.

كل هذا سيفيدك بإذن الله، وخاصة أنك – وبحمد الله – مُقبلٌ على الزواج، وأن علاقتك بخطيبتك جيدة، فأنا أقول: ليس هناك مبرر لفقدان الأمل – كما ذكرتَ في سؤالك – وإنما بعد كل هذه السنين من المعاناة ربما أنت على وشك التحوّل في مُجريات حياتك نحو الأفضل، فأرجو أن تقرأ النقاط التي وردت في سؤالك هذا، وتُقبل عليها مستعينًا بالله عز وجل، والله تعالى لن يتركك.

أدعو الله تعالى لك بالتوفيق والسداد والزواج الناجح السعيد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً