الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أدرس تخصصأ وأرغب في تخصص آخر.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا طالبة في المرحلة الأولى من الجامعة، وقد حصلت بالثانوية على معدل عال جداً، ولكن لم يكن لدي هدف، كان هدفي هو الحصول على مجموع كبير، فقط لكي أتمكن من دخول الجامعة، ومنذ أن كنت مراهقة كنت أحلم بأن أصبح معلمة ولكن أخطأت في ترتيب الخيارات الجامعية.

الآن حصلت على تخصص لا أرغب به، ولم أكن يوماً أريده، وكلما أخبرت أحدا بذلك يقولون لي: هو الذي كتبه الله لك، وارضي به، فأنت لا تعلمين الخير الذي به.

أنا أشعر بالندم الشديد، حيث أشعر أنه ليس قضاء وقدراً كما يقولون، أشعر بأنه خطئي أنا، ولا علاقة بالقدر به، فبم تنصحونني؟ وهل هو فعلاً إرادة الله أم أنه خطئي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ليلى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

أختنا الفاضلة: القدر: هو علم الله تعالى بما تكون عليه المخلوقات في المستقبل، والقضاء: هو إيجاد الله للأشياء حسب علمه وإرادته، وهذا الأمر لا ينفي أن للعبد إرادة واختياراً، فالإنسان منا كامل الاختيار تام الإرادة في كل عمل يريده، وقد أخطأت -أختنا- كما ذكرت في ترتيب الكليات حسب رغباتك، ثم بدا لك بعد أن دخلت الكلية أنها غير موافقة لمرادك، وهذا الأمر: أي دخول الكلية هذه تحديداً قد وقع، فعلمنا أنه من قدر الله تعالى، وجهلنا الحكمة في ذلك، وكم من طالب نعرفه دخل تخصصاً غير ما يريده ثم تعب أول الدراسة ثم صار أستاذاً في ذات الكلية التي كان يوماً ما كارهاً أن يكون طالباً فيها، وعلم بعد ذلك أن هذا الاختيار كان الأوفق والأنسب له.

أختنا الفاضلة:أنت بين خيارين:
1- أن تبصري محاسن الكلية التي أنت فيها، وأن تبتعدي عن النظرة السلبية لها، فإن المرء إذا كره شيئاً أو شعر أنه مجبر عليه؛ لم ير فيه إلا كل نقيصة وسلبية، ابحثي أختنا بتجرد عما في الكلية من خير لك، ثم بعد ذلك اجتهدي في تقبلها، واعلمي أن طالب الجامعة أحياناً تأتيه مثل هذه الأفكار حتى لو اختار الكلية برغبته، عند أول منعرج أو صعوبة يفكر بأن الكلية الأخرى كانت أنسب، أو أيسر عليه، أو مستقبلها أفضل، وهذه أحياناً تكون من تلبيس إبليس، حتى يزهده في خير هو فيه، ويرغبه في شيء لا يملكه، فيضيع عليه الاثنان، فانتبهي من وساوسه، بارك الله فيك.

2-الخيار الثاني: أن تنتقلي من الكلية التي أنت فيها إلى ما تريدين ولكن عليك دراسة الأمر بتأن وموازنة: فالكلية الراحلة إليها أيضاً فيها من الصعوبات ما في كليتك، وضياع سنة من عمرك ليس بالأمر اليسير، ومسألة التفاضل بين مستقبل الكليات أمر يخضع لمعايير كثيرة قد تتغير وتتبدل، عليه فالاستشارة في هذا الأمر يجب أن تكون دقيقةً والاختيار يجب أن يكون موزوناً.

وأخيراً أختنا الكريمة: إذا اخترت الخيار الأول وقررت بعد الاستخارة البقاء في كليتك، أو نقلت بعد الاستشارة والاستخارة إلى غيرها، فعليك أن تعلمي أن قضاء الله هو الخير للمسلم، وأن تحسني في الله ظنك، فالمسلم إذا وقع عليه أمر ما، وقدر الله له عطاءً أو منعاً، وافق هواه أو خالفه، فأحسن الظن بربه عز وجل كانت العاقبة له هي الخير، وإن أدركها بعد حين، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ له خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلا لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ) رواه مسلم.

نسأل الله أن يسدد خطاك، وأن يوفقك وأن يكتب لك الخير حيث كنت، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً