الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

بعد وفاة والدتي وصديقي تغيرت حياتي وأصبت بوساوس الموت!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب، عمري 33 سنة -ولله الحمد-، والدتي توفاها الله قبل عام من الآن، وفي شهر رمضان الفائت توفي صديق لي في حادث، تأثرت بوفاة والدتي، ولكن بعد وفاة صديقي جاء لي وهم شديد بالموت في كل أفعالي مثلا: إذا خرجت من البيت لأي سبب؛ شيء ما يقول لي في نفسي: هذا آخر خروج لك وستموت فيه.

كنت في هذا الوقت -عافاكم الله- لا أصلي، والآن الحمد لله بدأت أصلي، فهذا الوهم أصبح خفيفا علي ولكنه لم يزل، ولكن الغريب الآن أن هذا الشيء زاد ولا يأتي لي إلا وأنا أفعل شيئا يقربني إلى الله، في معظم الوقت مثلا عندما أكون جالسا في المنزل منتظرا الصلاة أكون بخير حال، وبعدما أقوم للوضوء والذهاب للصلاة يأتيني ضيق في نفسي، وأشعر بتعب شديد وأنا أصلي، وأشعر أنني سوف أموت، ويتكرر هذا الشيء في كل فرض.

وعندما أكون أنا وزوجتي على خير حال بدون مشاكل تحصل بيننا أشعر أيضا بهذا الشعور، وكأن نفسي تحدثني تقول لي: وفاتك اقتربت أو سوف تموت الآن! وآخر شيء حصل لي مع هذا الوهم والنفس أو الوسواس الذي يحدثني أثناء العلاقة الزوجية والحميمية، حيث أصبح في أسوأ حال، مشكلات مستمرة مع زوجتي على أسباب تافهة، وإذا كنا في خير حال واقتربنا من بعضنا البعض لنقوم بما حلله الله لا أوفق في ذلك، فهل هذا شيء نفسي أم سحر؟ أفيدوني أفادكم الله؛ لأني لا أعرف كيف أتعامل مع هذا الحال، وأصبحت حزينا باستمرار، ولا أريد أن أفعل أي شيء، وحياتي أصبحت كئيبة.

وشكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Aboadam حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك أخي الفاضل عبر الشبكة الإسلامية.. ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال وهذه التفاصيل.

ما تصف في سؤالك أخي الفاضل إنما هي حالة من القلق والتوتر ورهاب المرض والوفاة، وهو أمر شائع بشكل أكثر مما نعتقد وإن كان الناس لا يتحدثون عنه لحرجهم من هذا الأمر، بالرغم من أن أفكار الموت القريب تبدو حقيقة لك ومؤلمة إلا أنها مجرد أفكار لا إرادية ليس لك سيطرة عليها، ولكن أطمئن أنك بخير ولن يحدث لك بإذن الله سبحانه وتعالى ما يؤلمك.

طبعاً كلنا كبشر وكمسلمين نؤمن بأننا جميعاً سنموت في الوقت المقدر لنا، يقول تعالى (كل نفس ذائقة الموت)، إلا أن حياتنا يجب أن لا تصبح جحيماً مقلقاً ننتظر فيه حدوث هذا الموت، وإنما تبقى فكرة الموت موجودة لتنعكس إيجابياً على حياتنا بشكل صحي طبيعي، لا شك أن ما تشعر به ربما بدأ أو ازداد بسبب حوادث الوفاة المتتالية التي حدثت في حياتك كوفاة الوالدة رحمها الله تعالى، ووفاة صديقك، ولا ننسى أننا كلنا ما زلنا لم نخرج بعد من الآثار الصحية والنفسية لجائحة الكورونا وما فعلته بالبشر.

أحمد الله تعالى لك على أن بدأت بالصلاة والقرب من الله تعالى ولكن احذر من خدع الشيطان؛ حيث إنه قد يترصد بك كما تقول في سؤالك عندما تقوم بعمل يقربك إلى الله، واحذر أيضاً أن يسيء كل هذا الذي تمر به إلى علاقتك بزوجتك، ويمكنك أن تصلح الحال من خلال أن تشرح لها طبيعة ما تشعر به لتتفهم ولا تسيء تفسير الأمور على غير حقيقتها.

لعل جوابي هذا وشرحي لك يخفف عنك بعض المعاناة ولكن أنصحك أيضاً بإعادة النظر لنمط حياتك ليكون نمطا صحيا، وخاصة في أربعة أمور:

أولها: الصلاة والقرب من الله سبحانه وتعالى
وثانياً: الرياضة وممارسة الرياضة حتى في أبسط أشكالها وهو المشي لنصف ساعة في اليوم إن استطعت
وثالثاً: التغذية الصحية المتوازنة
وأخيراً: ساعات النوم الكافية

أخي الفاضل: أرجو أن تفكر في كل هذا ولعلك تستطيع الخروج مما أنت فيه من غير اللجوء إلى العلاج الدوائي، ولكن إن طالت المعاناة فلا بأس أن تأخذ موعداً أولاً مع طبيب عام ليقوم بفحصك من الحالة الصحية وربما يحولك إلى طبيب نفسي إن دعت الحاجة إلى ذلك.

أدعو الله تعالى لك بالصحة والعافية وطول العمر، وأن يحسن الله عملك.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً