الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أرضى بطولي ولا أشعر بالنقص والدونية؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا شاب بعمر 23 سنة، الطول 160 سم، مما يجعلني قصير القامة، بالإضافة إلى كوني نحيف البنية، مما يعطيني شكل طفل أو مراهق.

هذا الموضوع يسبب لي قلقاً شديداً وشعوراً بالنقص والدونية، وبأنه لا أحد سيأخذني على محمل الجد أو سأكون عرضة للإيذاء لو دخلت في عراك أو ما شابهه.

القلق لا يكون ملازماً لي طول الوقت، لكن بين وقت وحين أتذكر مسألة الطول، وبأني قصير يأتيني قلق مثل نوبات الهلع.

أظل دائماً أبحث عن أطول المشاهير، وأدخل في سيناريوهات وأحلام يقظة، وتقمص شخصيات مثل مقابلات، وما شابه ذلك، ثم يقابلني حائط قصر القامة، أو أقارن طولي بآخرين، مما يزيد من الحسرة والتوجس من المستقبل.

الجانبان اللذان يزيدان من القلق، لم أستطع تجاوزهما، وهما:
الأول: جانب العمل في المستقبل، فأنا طالب طب أسنان، قريب التخرج، وأقلق من أن طولي سيسبب لي عائقاً ويمنع حصولي على عمل.

الثاني: جانب العلاقات مع النساء، فأنا أظن أن كل امرأة أطول مني، لا تنظر لي كرجل، أنا موقن بخطأ هذا التفكير، لكن لا أستطيع منع نوبات القلق والهلع، وهذه هي المشكلة، وأن هذا سيسبب لي مشاكل في الزواج..الخ.

بسبب الطول لدى أصدقائي أكثر مني سبب ذلك لي ضيقاً، لكني أكتمه وأتظاهر بأني أفتخر بطولي كذلك، ولكن في الحقيقة الموضوع يؤلمني، ويسبب لي مخاوف شديدة.

ما الحل في رأيكم؟ وكيف يمكن للشخص أن يؤمن بفكرة مثل أن يرضى بما قسمه الله له ثم يتصرف ويثق بنفسه بناءً على هذا الإيمان؟

شكر الله تعالى جهودكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -أخي الفاضل- ونشكرك على تواصلك معنا عبر الشبكة الإسلامية من اليمن، حيث الحكمة اليمانية، كما قال صلى الله عليه وسلم.

لا شك -أخي الكريم- أن ما ورد في سؤالك يقلقك كثيراً ويزعجك، حيث تفكر بطولك وبمقارنة طولك بالآخرين، وتخشى أن هذا قد يؤثر على عملك كطبيب أسنان على وشك التخرج، إن شاء الله سبحانه وتعالى، أو على زواجك في المستقبل.

أنا أعلم -أخي الكريم- أن ما سأقوله لك قد لا تأخذه كله على محمل الجد، فقد لا أسمعك جديداً، فواضح أنك ذكي وأنك تدرك كما ورد في سؤالك أنك تدرك أن هذا التخوف غير منطقي، وغير طبيعي.

طولك ما شاء الله تعالى 160 سنتيمتراً، وهذا كما تعلم ربما هو الطول المثالي في بعض البلاد كاليمن واليابان، وغيرها من البلاد، ولكن خوفك يقلقك، ومعروف أن الخوف أو الرهاب عادة غير منطقي.

الإنسان في قرارة نفسه يعلم أن هذا التخوف لا محل له، فمن قال لك بأنك بعد أن تتخرج قريباً إن شاء الله سبحانه وتعالى وتصبح طبيب أسنان من قال لك بأن طولك سيؤثر في هذا؟

أنا أعلم أطباء أسنان بطولك وأقصر وأطول، ومن قال بأن طولك هذا سيؤثر في الزواج في المستقبل؟ أيضاً أنا أعلم أزواجاً ناجحين بطولك وأقصر وأطول.

إن الإنسان عندما ينشغل باله في أمر معين فيصبح انتقائياً في مقارنته فلا يقارن نفسه بكل الناس، إنما ينتقي بمن يبتعدون عن واقعه، فأنت تقارن نفسك بطول القامة، أكيد أخي الكريم أنك تعلم أن الرسول صل الله عليه وسلم يقول في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم "إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"، فلا شك أن الله تعالى ناظر إلى قلبك وأعمالك، فمن يدري ربما قلبك وأعمالك تفوق قلوب وأعمال أناس أطول وأطول، فالموضوع ليس بالطول والقصر، وإنما بالصلاح وجودة العمل.

أنا إذا أردت أن أختار طبيب أسنان فلا أسأل عن طوله وقصره إنما أسأل عن مهارته في علاج أسناني، أيضاً أنت وأنا نعلم كم من الصحابة لم يؤتوا سعة في الطول كعبد الله بن مسعود، ومن هو عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه، كان إذا صعد شجرة الغصن لا يهتز، أنا لا أقارنك به بالنسبة لطولك 160 سنتيمتر ممتاز، ولكن عليك أن تثق بنفسك من خلال التفكير فيما أذكره لك هنا في جوابك عن هذا السؤال.

لا أعتقد أنك تحتاج إلى علاج دوائي ليذهب عنك هذه الأفكار، وإنما أن تبدأ بقبول نفسك، متذكراً قول صل الله عليه وسلم "إن لنفسك عليك حقاً"، فالثقة بالنفس هي أساس جواب سؤالك، أن تتذكر من أنت، وأن تتذكر نجاحاتك وعطاءاتك بإذن الله سبحانه وتعالى لتتجاوز هذه الحالة من ضعف الثقة بالنفس.

أدعو الله تعالى لك بالتوفيق والسداد، وأن تكون ليس فقط من الناجحين وإنما من المتفوقين، وأهلاً بك دكتور أحمد قريباً تكون زميلاً لنا، وإن كان في غير تخصصي إلا أنك زميل لنا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً