الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الوسواس ومشاكلي الزوجية دمرتني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لدي وسواس قهري منذ أكثر من عشر سنين، في البدايات كان يجيئني بنوبات بكاء وهلع، ودقات قلب رهيبة، إلى أن قرأت عن حالتي، وساعدتني أختي على المقاومة قليلاً، والتجاهل قليلاً، وإشغال وقتي، يعني نقصت النسبة، ولكن لم يختف تماماً.

أول الأمر كان وسواس طهارة، وأخاف جداً أن يكون الماء المتناثر نجساً، وأتتبع كل قطرة وأحسها على جسمي، وأصب الماء فوق فخذي أسفل ظهري مكان النجاسة، وساقي، ولو أحسست قطرات في مقدمة رأسي أصب الماء على الجزء الأمامي من شعري، والصنبور أغسله عشرات المرات، حتى لا تنتقل نجاستي إلى من سيستعمله بعدي.

كذلك بعد خروجي من الحمام أبقى متوجسة، هل ثيابي طاهرة؟ وقد أصابها البلل من كثرة صب الماء وأضطر لتجفيفها بالمجفف، وأخشى لمس أي شيء قبل ذلك!

مرت سنوات وأنا أقاوم وأتجاهل إلى أن خف عني كثيراً لحين زواجي، وقتها تقريباً اختفت أكثر الأعراض شراسة، وبقى وسواس خفيف كنت أتجاهله كي لا يلاحظ زوجي أي شيء.

للأسف تفاقمت المشاكل بيني وبين زوجي، قضايا في المحاكم، وكلام مهين، وانفصلنا دون طلاق لحد الآن، ومعي ابنتي أصبحت شخصية قلقة جداً، كيف سأربي ابنتي لوحدي؟ رغم وجودي مع والدي، كيف أواجه الحياة وأنا مطلقة ليس لدي دخل مادي؟

عاد الوسواس كأول مرة نفس التفاصيل، وربما أكثر، أمكث نصف ساعة وأكثر في الحمام، وبعدها أوسوس في الوضوء، وإذا أردت التشهد أظل أنطقها بالست والسبع المرات، حتى أقتنع، تعبت كثيراً.

أسأل الله أن يأجرني في ذلك، هل الدواء فعلاً يقضي على هذه الأعراض؟ علماً بأني في شدة الألم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Amani حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله تعالى لك العافية والشفاء، وأسأل الله تعالى أن يصلح ما بينك وبين زوجك، ويجعل لكما سعادة وخيراً.

أيتها الفاضلة الكريمة، حالتك بدأت بقلق مخاوف، ثم بعد ذلك ظهرت لديك الوساوس، وفي هذه الحالة نسمي تشخيص الحالة بأنه قلق مخاوف وسواسي، الآن وبعد الضغوطات النفسية الشديدة الناتجة عن الخلافات الزوجية بدأت تظهر لديك الوساوس مرة أخرى، وهذا أمر معروف جداً.

أرجو أن تطبقي نفس المناهج السلوكية، تحقير الوسواس، عدم اتباعه، تجاهله، وتكون لديك قناعات صلبة بأن هذا وسواس ويجب أن لا يتبع.

يجب أن تحددي الوقت الذي ستستغرقينه في الحمام هذا مهم جداً، ويا حبذا لو حددت كمية الماء أيضاً، لا تغتسلي أو تتوضئي بماء الصنبور، يمكن أن تضعي الماء في إناء وتحددي كميته وتحددي الزمن، هذه طريقة ممتازة جداً لو طبقتها 10 مرات متتالية ستتخلصين من الجزئيات المزعجة في وساوسك.

بالنسبة للأدوية نعم أقول لك -الحمد لله تعالى- توجد أدوية ممتازة فعالة جداً، وأفضل دواء يناسب حالتك عقار يسمى سيرترالين؛ لأنه مضاد للوساوس مضاد للمخاوف والقلق كما أنه يحسن المزاج.

ابدئي في تناول هذا الدواء بجرعة بنصف حبة أي 25 مليجرام يومياً لمدة 10 أيام، ثم اجعليها حبة واحدة يومياً أي 50 مليجرام، واستمري عليها لمدة شهر، ثم اجعلي الجرعة 100 مليجرام، أي حبتين يومياً، تناوليها كجرعة واحدة، وهذه هي الجرعة العلاجية، ويفضل تناول الدواء في أثناء النهار، لكن إذا سبب لك أي نوع من الخمول أو النعاس فتناوليه ليلاً، واستمري على جرعة 100 مليجرام لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضيها إلى حبة واحدة، أي 50 مليجرام يومياً لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعلي الجرعة نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء.

كما ذكرت لك هذا دواء مفيد، وغير إدماني، وسليم جداً ولا يؤثر على الهرمونات النسائية، فقط ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام عند بعض الناس، هذا يا أختي الكريمة، هو الذي أود أن أنصحك به، وأتوقع -إن شاء الله- نتائج علاجية ممتازة في حالة التزامك بالدواء، وتطبيق التوجيهات، والإرشادات التي تقوم على مبدأ تجاهل الوسواس وتحقيره، وعدم اتباعه.

بارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً