الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني المراهق.. كيف أتعامل معه وأقوي شخصيته الخجولة؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ابني يبلغ من العمر 15 سنة، متميز في دراسته، والأول على صفه في تحصيله الدراسي، ويحفظ حالياً القرآن و لو بصورة تدريجية، أكثر ما يزعجني أنه خجول في التعامل مع الآخرين، حتى أنه لا يجرؤ على الحديث مع الأشخاص الغرباء عبر الهاتف، وأخبرني هذا الأمر صراحة.

أخبرني بأنه يعاني من التوتر من الاتصال بالآخرين، وحتى الأقارب، فهو لا يقوم بالإجابة على هاتفي إن كنت مشغولا، وأسمح له بالرد على هاتفي، ما يعانيه ولدي التأتأة بالكلام، لا يكون كلامه واضحا بالحديث جراء تلعثمه فيه.

عندما أتحدث معه أخبره بأن يكون هادئا و يجهز نفسه عند الكلام، ويتحدث بكل رحابة دون خجل من الآخرين.

يمتاز عن إخوته بالقرف من أكثر الأمور، فلا يشرب من نفس الوعاء الذي نشرب فيه بالبيت، لديه منشفة للاستحمام خاصة فيه، لا يحب أن يستخدمها أحدا غيره، أصطحبه معي في مشاويري مع الآخرين وأقاربي في المناسبات، وأحيانا يرفض.

لا أنساه هو وجميع إخوته بالدعاء ليل نهار، وفي أغلب أوقات الإجابة، كآخر ساعة من يوم الجمعة، أصطحبه إلى صلاة الجمعة معي وأحضه على الصلوات الخمس، وصلاة الضحى.

أحب أن يكون ابني متميزاً في كل شيء، وأضاهي الدنيا فيه و بأخلاقه وقربه إلى الله، علما أن لدي من الأبناء 3 غيره، هو البكر وأخته التي تصغره عاماً، وأخوه الذي يبلغ من العمر 8 سنوات، والثاني سبع سنوات، فما السبيل إلى أن يكون أبنائي كما نحب في الدنيا ورفعتنا في الآخرة، ويلبسونا تاج الوقار.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ANGEL حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركم على تواصلكم معنا، وثقتكم بموقعنا.

أفضل نصيحة للوالدين بخصوص الأبناء هي أن يحافظوا على علاقتهم النفسية والعاطفية مع أبنائهم، فهذه العلاقة من شأنها أن تحمي الأبناء من الانزلاق مع الآخرين خارج البيت، حتى لو أساء الابن أو أخطأ في حق والديه فهذه العلاقة تمنعه من الوقوع في علاقات خاطئة خارج المنزل.

كما أن وجود العلاقة بالوالدين تقوي ثقة الابن بنفسه، بعكس ذلك الوالد الذي ينتقد ابنه دوما ويعرضه للإحراج؛ فهذا الصنيع من شأنه أن يقلل من ثقة الولد بنفسه، ولعل هذه هي المشكلة الرئيسية عند ابنكم -حفظه الله-، لكننا نجهل أسباب ضعف الثقة بالنفس لديه، وسنضع هنا بعض الأسباب المحتملة التي تجعل الولد يفقد ثقته بنفسه أو تضعف عنده، فإن وجد شيء من هذه الأسباب عندكم فلا شك أن سبيل حل المشكلة سيبدأ بتلافيها والابتعاد عنها:

1- النقد الدائم والمستمر من أحد الوالدين أو كليهما، والمعاتبة على عدم أداء الواجبات أو الفروض المدرسية أو الدينية.

2- تعيير الولد ووسمه بأنه (خجول)، وكلما تردد هذا الوصف على سمعه من قبل المحيطين به زاد به التصاقا.

3- تعرض الولد لصدمات معينة أضعفت ثقته بنفسه، كالتنمر في المدرسة مثلا، وعدم إنصافه من قبل إدارة المدرسة.

4- شعوره بأنه غير محبوب في العائلة؛ لا سيما إذا كان هناك تفضيل أحد الأبناء الآخرين عليه، فهنا يشعر بنقص التقدير لذاته، وهنا يلجأ الولد لإحدى طريقتين: إما أن يلجأ للتعبير والرفض عن هذا التمييز بالإزعاج والصراخ والتكسير، وربما الاعتداء على الآخرين، خاصة من الأخ الذي يغار منه، أو أنه يلجأ إلى الانسحاب والانطواء وعدم المشاركة الاجتماعية لشعوره بالدونية وضعف التقدير لذاته.

هذه كانت بعض الأسباب التي تفسر خجل الولد، ولا يفوتنا أن نشكرك على جهودك العظيمة في رعايته والإشراف عليه في حفظ القرآن الكريم وأداء الصلوات، وهاك بعض الوصايا لتعزيز ثقته بنفسه:
1-إشراكه في المناشط الاجتماعية المختلفة، وأنت تمارس هذا الدور، لكن ننبه هنا ألا يتم هذا الأمر بالقسر والإجبار، وإنما بالحض والتشجيع.

2-تكليفه ببعض المهام البسيطة التي يمكنه القيام بها، مثل الشراء من البقالة، أو محاسبة الكاشير، أو جلب قهوة من الكافيه ونحو ذلك.

3-البحث عن صديق جيد يأخذ بيده ويعلمه بعض السلوكيات الإيجابية التي يتحلى بها ذلك الصديق، خاصة الثقة بالنفس.

4-تعليمه بعض مهارات لغة الجسد، كيف يتكلم، وكيف يحرك يده أو رجله، وكيف ينظر إلى عيون المتحدث، وهذا التعليم ينبغي أن يكون في إطار الرغبة والتشجيع أيضا.

5-توجيه الأوامر للولد-خاصة أنه مراهق- لا يكون بالطلب المباشر: افعل كذا، لا تفعل كذا، ولكن بطريقة غير مباشرة، مثل: ما رأيك لو خرجنا لشرب الشاي في المكان الفلاني؟ ماذا تحب أن تلبس اليوم؛ بدلا من: البس البدلة الفلانية.

6-عدم إشعاره بأنه لا يزال صغيرا، وأنه مراقب من قبل الوالدين على الدوام، وينبغي استبدال مراقبة الوالدين بتعليمه أن الله تعالى هو الذي يراقبه وأن الملائكة الكرام الكاتبين هم الذين يحصون حسناته وسيئاته.

وهكذا سنجد أن المراهق يتقبل التوجيهات غير المباشرة، خاصة تلك التوجيهات التي تشعره بأنه رجل، وأنه شخص مستقل بحياته.

أما بخصوص مشكلة (القرف) وعدم مشاركة أغراضه مع إخوانه، فلا نريد أن نضع تشخيصا لا أدلة كافية عليه، ولكن بعض الأبناء قد يميل إلى تضخيم بعض الأفكار بما يشبه الأفكار الوسواسية، وهذا لا يعني أنه مريض -حتما- وإنما قد يحتاج لبعض الإرشاد السلوكي البسيط للتخفيف من حدة هذه العادات، علما بأن عدم مشاركته لبعض أغراضه قد يكون صحيحا مثل المنشفة وفرشاة الأسنان، بينما يمكن تشجيعه على مشاركة الأغراض التي تقبل المشاركة مثل الألعاب أو الدراجة الهوائية ونحو ذلك.

نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل، وأن يجعل أبناءكم وبناتكم من الصالحين والصالحات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً