الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أختي تطلقت من زوجها فهل يجوز لها أن تذكره بعد الطلاق؟

السؤال

السلام عليكم

أريد جوابا لأختي كي ترتاح نفسيتها وتقتنع، أختي تزوجت قبل 7 سنوات، وبعد سنة من زواجها بدأ زوجها يقصر في مصروفها ومصروف ابنها بشكل كبير جدا، حتى أنها كانت تأتي لمنزلنا لتأكل، وعاشت في بيت تسكنه العائلة وإخوته
صبرت عليه لمدة 4 سنوات من جوع وإهانة، وبيع لذهبها؛ لأنه كان يعطيها وعودا بأنه سوف يعوضها، وعندما قرر السفر لتركيا للدراسة والعمل، كان يريها صورا لتركيا، وأنه سوف يأخذها معه إلى تركيا، وأعطاها آمالا بأنه بعد كل ما عانته وصبرت سوف يعوضها ويأخذها معه إلى تركيا، ولكن المصيبة أنه أرغم أمه على بيع بيت تملكه وخطب فتاة أخرى من نفس بلدنا، وأدخلها معه إلى تركيا، وعندما علمت أختي سألته: لماذا كذب عليها، وأين الوعود؟ قال: اصبري خمس سنوات أو اذهبي وافسخي العقد في المحكمة، وهو سوف يستقر في تركيا مع الأخرى.

صبرت أختي لمدة سنة، ثم ذهبت المحكمة وفسخت العقد، وعاد بعد سنتين بعد أن رجعت زوجته الثانية إلى البلد يريد إرجاع أختي ويدخلها تركيا، ولكن أختي رفضت تماما، وقالت الذي غدر بي مرة سيغدر بي مرة أخرى، ولكن أختي غير مقتنعة، مع أنها فسخت العقد ولكنها تظل تذكر ماضيها معه وتحقد عليه، أريد منك كلمة تجبر خاطرها، وهل يجوز بعد الطلاق أن تظل تذكره؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم سما حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبا بك في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يعوض أختك خيراً، وأن يخلف عليها بما هو أنفع لها، ونحن ندرك مدى المعاناة التي تعانيها بسبب ما تعرضت له من زوجها أو ممن كان زوجاً لها، ولكن مما يواسيها ويخفف عنها مصابها ويذهب حزنها، أن تعلم علم اليقين أن الله سبحانه وتعالى أرحم بها من نفسها، وهو مع هذه الرحمة أعلم بمصالحها، وما يقدره الله تعالى لها وإن كرهته نفسها فهو الخير، وقد قال الله سبحانه في كتابه (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم)، وقال سبحانه وتعالى (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير لكي لا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما أتاكم).

فالمؤمن إذا تذكر أن كل شيء بقضاء وقدر هانت عليه المصائب، وعلم أن فيها خيرا بإذن الله تعالى.

وأما تذكر هذه الأخت لما كان من فعل الزوج بها حال الزواج من ظلماً وتقصير في الحقوق، فإن الأفضل لها أن تنصرف إلى ما هو أنفع لها، لكن مجرد حديث الإنسان عمن ظلمه بأنه ظلمه بكذا فهذا النوع من الكلام لا حرج فيه؛ لأن الله سبحانه وتعالى قد قال في كتابه الكريم (لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم)، ولكن العلماء يقيدون هذا بكون هذا الكلام موجه إلى من ينصره على ظالمه، فهذا هو النوع المفيد من الكلام، أما ما عداه فإنه لا فائدة فيه، والكلام الذي لا فائدة فيه الله تعالى ندب المؤمنين ودعاهم إلى تركه، ورغبهم في ترك اللغو من القول واللغو هو الكلام الذي لا فائدة فيه، فقال سبحانه وتعالى في أوصاف المؤمنين أهل الجنة (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون).

فنصيحتنا لهذه الأخت: أن تتوجه إلى الله سبحانه وتعالى بقلبها وأن تكثر من ذكره وطاعته، وأن تظن أن الله سبحانه وتعالى عنده خزائن السماوات والأرض، وأنه سبحانه وتعالى قادر على أن يعوضها خيراً مما فاتها، وهذا التفاؤل وانتظار المستقبل الجميل يبعث النفس على الجد والعمل النافع، كما أنه يملؤها سعادة وفرحاً، ويجعل الإنسان مدركاً لقيمة الحياة التي يعيشها، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الفأل، وكان ينهى عن التطير والتشاؤم، وهذا كله لما لهذه الأخلاق من أثر على نفس الإنسان ومن ثم على إنتاجه وعمله.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يقدر لنا جميعاً الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً