الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من القلق والرهاب عند اتخاذ القرارات ، ساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

طالب وعمري 22 سنة، أود استشارتكم في موضوع أعاني منه، وهو القلق، بدأ الأمر في سنة 2019، كنت في حيرة في اختيار تخصصي الجامعي، حتى جاء موعد الدراسة وأصبت بقلق شديد من أن يكون اختياري ليس الأفضل، وتراودني أفكار تقترح علي سرعة التحويل إلى تخصص آخر مادام التحويل متاحا، ومهما حاولت التغلب على هذه الفكرة تهاجمني وبقوة.

استمر الأمر لمدة تزيد عن شهر، أعراضها كانت:
1- ضيق في التنفس لدرجة شعوري بالاختناق واللجوء إلى شم المنتول -نعناع- ليفتح مجرى التنفس.

2- البكاء الشديد حتى أصبحت مثل الطفل، أطلب من أحدهم الجلوس معي حتى يمكنني الجلوس أو النوم.

3- الفزع والهلع وعدم الاستقرار في النوم وبعد الاستيقاظ.

استمر العذاب لمدة تزيد عن شهر كنت أقرب حينها للجنون.

في عام 2020 أصبت بتلك النوبة مرة أخرى لعدم قدرتي للقيام ببحث في مادة ما، على الرغم من إدراكي وقتها ببساطة الأمر.

أعراض الحالة:

1-الشعور بالعجز حتى مع وجود حلول أستطيع القيام بها، ولكنني كنت غارقا في القلق مع نفس الأعراض السابق ذكرها، استمرت الأعراض إلى أن قام صديقي بعمل البحث لي.

في 2021 شعرت بالقلق بسبب الدراسة، نفس الأعراض ولكنها أقل حدة، واستمرت أسبوعين ثم تلاشت.

وفي سنة 2022 أصبت بأسوء أمرين:
الأول:الحيرة نفسها في اختيار الأقسام لوجود تخصص فرعي في تلك السنة أيضا، وكانت الأغراض بنفس الشدة، واستمرت شهرين حتى انشغلت عنها.

الثاني: دخلت التدريب وكان هناك غرامة كبيرة توقع على انسحابي وسط التدريب، وكان التدريب بسيطا لا يتطلب مني غير الحضور، ولكنني أصبت بنوبة هلع ولم تنته النوبة إلا بعد انسحابي منه.

وها أنا الآن بنفس حالة الفزع لدخولي تدريبا مشابها، ولا أستطيع الانسحاب منه، ساعدوني لأنني أصبحت عالة على نفسي وأهلي.

أنا الآن أفزع باكيا من النوم تقريبا كل ساعتين، ولا أنام أكثر من 6 ساعات، وفي كل مرة أفزع فيها أطلب من أهلي البقاء بجانبي حتى أنام، لا أستطيع الدراسة في هذا التدريب، أشعر أن غدا الدراسة، ولا أستطيع الجلوس لنصف ساعة في اليوم، علما أنني كنت نشيطا قبل التدريب.

استفساراتي: أريد أن أعلم ما أعاني منه؟ وإلى أي مدي قد أحتاج لطبيب نفسي؟ وهل يوجد حلول غير الأدوية للتغلب على هذا الأمر، فأنا لا أرتاح إلا بالهروب منه، وفشل التفكير المنطقي، وإقناع النفس ببساطة الأمر، وتنظيم الوقت، والرقية الشرعية.

شكرا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Mohamed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -الأخ الفاضل- عبر الشبكة الإسلامية، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال المفصل، يبدو من خلال قراءة سؤالك أنك مصاب بشيء من القلق والتوتر والرهبة والفزع عندما تكون تحت ضغط معين، كأن يطلب منك إنجاز عمل ما كحضور دورة تدريبية، أو عندما تحتاج أن تتخذ قرار ما، كاختيار تخصص أو غيره، وهذا واضح من سؤالك.

وبالنسبة للدورة التي عليك حضورها والتي لا تستطيع الانسحاب منها فأمامك خياران، آما أن آتي معك لنحضر الدورة معاً أو تحضرها بمفردك، فما رأيك -أخي الفاضل-، طبعاً عليك أن تحضرها بمفردك وسأشرح لك من خلال الإجابة على أسئلتك الثلاثة كيف تفعل هذا.
سؤالك الأول يتعلق بما الذي تعاني منه، إنها -وكما ذكرت- حالة من القلق والتوتر عند وجود الضغط والتحديات، وربما هذا يخفي وراءه شيئا من الرهاب الاجتماعي، حيث تتجنب الوجود مع الآخرين، أقول ربما وليس بالضرورة.

سؤالك الثاني: إلى أي مدى تحتاج إلى الطبيب النفسي؟ أقول ليس بالضرورة أن تحتاج للطبيب النفسي، فيمكنك أن تواجه ما تعاني منه بنفسك، أو تراجع أحد الأخصائيين النفسيين، والذي عادة لا يصف دواء، وإنما يعطيك بعض المهارات السلوكية للتخلص مما تعاني منه.

الذي سأشرحه في سؤالك الثالث، والذي يدور حول حلول غير الأدوية للتغلب على ما تعاني منه، فأنت لا ترتاح للهروب، نعم معك كل الحق في هذا، فعادة من يجد صعوبة في مواجهة موقف ما كحضور دورة، مما يضطر إلى الانسحاب فيشعر بالتوتر والقلق عادة ما يلجأ إلى الانسحاب والهروب، والتجنب، وهذا لا يحل المشكلة وإنما سيعقدها، فالحل الأنسب لما تعاني منه هو عكس التجنب، وهي المواجهة بأن لا تنسحب من هذه الدورة أو غيرها، بل تحرص عليها، فحضورك هو علاج لك بحد ذاته، فمن خلال الزمن كغيرك من الناس ستعتاد حضور مثل هذه الدورات مع شيء من الإطمئنان، نعم في البداية قد تشعر بالتوتر والفزع إلا أن الهروب والتجنب يعقد المشكلة كما ذكرت.

لذلك -أخي الفاضل- لا تنسحب من هذه الدورة، بل حقيقة هي جلسة علاجية لك، بالإضافة إلى ما ستتدرب عليه في هذه الدورة، فاحرص -أخي الفاضل- على عدم التجنب أي عدم تجنب أي موقف تنزعج منه وإنما واجهه وأقبل عليه بهمة ونشاط، وبعون الله تعالى ستتجاوز ما أنت فيه من خلال الزمن ومن خلال بناء ثقتك بنفسك، أدعو الله تعالى لك بالصحة والسلامة والجرأة والشجاعة.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً