الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأن أحدًا يسكن عقلي وأفكار غريبة تتحكم فيّ.. ساعدوني!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مشكلتي هي أني أعاني من شعور غريب يلازمني قلب حياتي جحيما، ولا أعرف كيف أفسره أو من أين أتى، وبسببه لا أستطيع التركيز أبدًا، وغالبا هو شعور غريب جدا وغير منطقي ومخيف لا يفارقني.

فمثلا: أحس أن أحدهم يسكن في عقلي ويقول أنت مجنون، أو سوف تجن، أو أن شيئًا ما غريب جدا سيحدث لي، أو كأن هذا الشخص يتحكم بمشاعري كيفما يشاء.

علما أنني لا أسمع أصواتا في رأسي، أو أتكلم مع أحد، أو أي نوع من الهلوسات، هو فقط إحساس غريب جدا، وأنا أعلم بداخلي أن هذا كله غير صحيح، ولكن لا أستطيع أبدًا أن أثبت هذه الفكرة في رأسي، ولا تثبيت أي فكرة طبيعية أو منطقية.

وأحيانا إذا فكرت أو فعلت شيئا ما، أشعر أن أحدا آخر هو الذي فعل أو فكر بهذا الأمر، واستغرب أنني فعلته، مع علمي ويقيني أنه أنا من قام بهذا، وأقصد بالشخص الآخر هذا الذي ذكرته في السطور الأولى.

ومثال آخر، مثلا: إذا كنت جالسا بجانب أي شخص وأعلم أنني جالسا بجانبه التفت وأقول لنفسي هل فعلا أنا جالس هنا؟ أو هل فعلا هذا الشخص يتكلم معي؟ بمعنى أنني أحيانا استغرب أنني موجود في هذه الدنيا.

هذا الشعور قوي لدرجة أنني أشعر فعلا أني جننت، أو أنني في عالم آخر، أود أن أضيف أن المشكلة بدأت بالوسواس القهري.

أتمنى شرح حالتي، والإجابة هل فعلا سوف أجن وتتطور حالتي أكثر لو بقيت هكذا؟

سدد الله خطاكم وأدامكم لفعل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في موقع إسلام ويب..

أخي: هذه التجارب التي تمر بها من طريقة في التفكير والأفكار الغريبة، والمشاعر التي يصعب تحديدها، هي مشاعر قلقية وسواسية، الوساوس قد تأتي في هذه الصورة الذهنية، وطبعاً الطاقة الأساسية التي ينطلق منها الوسواس هي القلق النفسي، فإذاً لديك أيضاً درجة من القلق وهذا ربما يدخل في بعض الأحيان بما نسميه اضطراب الآنية، أي عدم التأكد من الذات أو الشعور بالتغرب.

أيها الفاضل الكريم: لا أريدك أن تعتقد أنه لديك تشخيصات متعددة، هو تشخيص واحد قلق وسواسي متداخل معه شيء من اضطراب الآنية، وكلها تدور في فلك تشخيصي واحد، إذاً هذا هو التشخيص وقطعاً أنت تحتاج لعلاج دوائي، كذلك تحتاج أن تدرب نفسك على تجاهل هذه الأفكار واستبدالها بأفكار مخالفة، وكذلك تلجأ لما نسميه التنفير عن هذه الأفكار، هذا أحد البرامج السلوكية المفيدة جداً، وباختصار يتكون هذا البرنامج بأن تقوم أولاً بكتابة كل الأفكار الوسواسية التي تعتريك، ابدأ بأضعف هذه الأفكار وأقلها شدة، وتدرج حتى تصل لأكثر الأفكار أو الصور الذهنية القوية والمزعجة لك، ثم بعد ذلك طبق ثلاث تمارين على كل فكرة ابدأ بالفكرة الأولى أي الفكرة الضعيفة هذا التمرين يا أخي يتطلب أن تكون جالساً داخل الغرفة لوحدك وتخصص زمن لا يقل عن نصف ساعة لكل جلسة علاجية.

التمرين الأول هو أن تخاطب الفكرة قائلاً قفي قفي، أنت فكرة وسواسية حقيرة، تكرر هذا لمدة دقيقتين وبكل جدية، ثم تنتقل مباشرة إلى التمرين الثاني، وهو ما نسميه بصرف الانتباه، وهنا يكون إضعاف الفكرة من خلال الإتيان بفكرة مخالفة لها، فكرة جميلة فكرة طيبة، تأمل مثلاً في التنفس لديك، كيف أن الهواء يدخل في الرئتين وأن نسبة الأوكسجين وهي 21 % ينتشر في الجسم عن طريق الدم، وكيف أنه يولد لدينا الطاقة ثم قم بعد التنفس لديك لمدة دقيقة مثلاً وهكذا، التمرين الثالث وهو التنفير قم بالضرب على يدك بقوة وشدة على جسم صلب، وفي ذات اللحظة استجلب الفكرة الوسواسية، أو الصورة الذهنية الوسواسية، تكرر هذا التمرين 20 مرة متتالية، إذاً الربط ما بين إيقاع الألم والفكرة أو الصورة الوسواسية سوف يضعفها، هذه التمارين يجب أن تطبق بجدية وبعد أن تطبق الثلاث تمارين على الفكرة الأولى تنتقل إلى الفكرة الثانية حتى تصل إلى الفكرة الأخيرة وهكذا.

من العلاجات السلوكية المفيدة أيضاً ممارسة الرياضة، تجنب النوم النهاري، وتطبيق تمارين الاسترخاء، تمارين الاسترخاء -يا أخي- مفيدة جداً، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، وعليك يا أخي أن تكثر من الاستغفار مهم جداً، وأيضاً أن تقول آمنت بالله آمنت بالله؛ لأن الصحابي الذي كان يعاني من الوساوس نصحه الرسول -صلى الله عليه وسلم- بأن ينتهي أي أن لا يكررها وأن يتجنبها وأن يقول آمنت بالله آمنت بالله.

أيها الفاضل الكريم: أنت تحتاج لعلاج دوائي، وأفضل دواء بالنسبة لك هو العقار الذي يسمى فافرين، واسمه العلمي فلوفكسمين، تتناوله ليلاً بجرعة 50 مليجراما لمدة أسبوعين، ثم تجعل الجرعة 100 مليجرام ليلاً لمدة شهر، ثم 200 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، ثم تخفضها غلى 100 مليجرام ليلاً لمدة شهرين آخرين، ثم 50 مليجراما ليلاً لمدة شهر، ثم 50 مليجراما يوما بعد يوم لمدة شهر ثم توقف عن تناوله.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرا.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً