الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخاف من الموت وأشعر بقرب أجلي، فما العلاج؟

السؤال

‏السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشعر ‏بقرب ‏أجلي، وأحلام سيئة لا ‏أعرف تفسيرها، وشعور بالتوتر، و‏دقات قلبي عالية، وخوف، وصعوبة في التنفس، ونوبات هلع، وخوف من النوم، أو قيادة السيارة، لا أصلي ‏بسبب نوبات الهلع، ولا أعرف ماذا أفعل؟ أشعر أنني غير ‏مستيقظ، خائف وأشعر كل يوم أنني سأموت.

ذهبت إلى طبيب نفسي، ولكني لم أستفد من العلاج، أمي لا تريدني أن أذهب إلى أي طبيب نفسي، فهي تخاف علي ولا تفهم حالتي، فأرجو المساعدة.

وشكرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في استشارات الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

من خلال الأعراض التي ذكرتها - والتي سبّبت لك القلق والتوترات ونوبات الهلع - أستطيع أن أقول أنك تعاني من قلق المخاوف، وقلق المخاوف يتطلب علاجات تأهيلية سلوكية، وكذلك علاجات دوائية، والعلاجات التأهيلية السلوكية أهم شيء فيها هو أن يتجاهل الإنسان الأعراض، وأن يعرف أنه لن يُصيبه إلَّا ما كتب الله له، والخوف من الموت – يا أخي – خوف زائف، خوف مرضي، الخوف له ضوابطه الشرعية المعروفة، من ذلك: {إن أجل الله إذا جاء لا يُؤخر}، {كل نفس ذائقة الموت}، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون}، و{لكل أجل كتاب}، {قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم}، {وما تدري نفس ماذا تكسب غدًا وما تدري نفس بأي أرضٍ تموت}، {وكل مَن عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام}، {كل شيء هالك إلَّا وجهه}، {ونفخ في الصور فصعق من في السماوات والأرض إلَّا من شاء الله}.

والإنسان يسعى لأن يعيش حياته حياة طيبة، حياة مُفعمة بالخير وعمل الصالحات، حتى يجد الحياة الطيبة الأبدية، قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}، وإذا كان الإنسان كذلك فلا يخاف ولا يحزن، {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ}، وهذه الحقائق كلها تجعل الإنسان في طمأنينة ويزال عنه الخوف من الموت ومن غيره، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليُخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، ويعيش في يقين من أن الله تعالى لا يضيع أجر من أحسن عملاً.

أمَّا أن يتكلّم الإنسان عن الخوف من الموت ولا يسعى ولا يعمل الصالحات فهذه إشكالية كبيرة جدًّا. أنا حقيقة أثق تمامًا أنك ملتزم بصلواتك وعباداتك، وبارًّا بوالديك، ومجتهدًا في دراستك، وهذا الطريق لا يجعل الإنسان يخاف من الموت خوفًا مرضيًّا، إنما خوفًا شرعيًا، وكلُّنا يكره الموت كما قالت عائشة رضي الله عنها.

فإذًا تحقير هذه الأعراض، وصرف الانتباه عنها، وعدم الاهتمام بها، وأن تتجنّب الفراغ، أن تستفيد من وقتك، تنام مبكّرًا، تستيقظ مبكّرًا، تُصلّي الفجر في وقته، تبدأ الدراسة في وقتها لمدة ساعة على الأقل، بعد ذلك تذهب إلى مرفقك الدراسي، وتُركّز أثناء الحصص الدراسية، وبعد أن تعود إلى المنزل، وتتناول طعام الغداء، يمكن أن تأخذ قسطًا بسيطًا من الراحة، ثم تبدأ الدراسة مرة أخرى لمدة ساعة إلى ساعتين، ثم تُرفّه عن نفسك بشيء طيب وجميل، ويكون لديك تواصل إيجابي مع الأسرة، تُصلي صلواتك في المسجد، تمارس الرياضة ... هذا – أيها الفاضل الكريم – هو العلاج الأساسي لحالتك، والرياضة على وجه الخصوص مهمّة جدًّا، أي نوع من الرياضة متاح.

توجد أيضًا تمارين نُسمّيها بتمارين الاسترخاء، تمارين قبض العضلات وشدِّها ثم استرخائها، أو تمارين التنفُّس المتدرِّجة، هذه مفيدة جدًّا، بل هي مهمّة جدًّا لإزالة قلق المخاوف والتوترات. يمكن للأخصائي النفسي أن يُدرّبك على هذه التمارين، أو يمكن أن ترجع للبرامج الموجودة على اليوتيوب والتي تُوضح كيفية ممارسة هذه التمارين.

أنت تحتاج لدواء واحد، دواء بسيط جدًّا يُعرف باسم (اسيتالوبرام) وتحتاج له بجرعة صغيرة، وهو دواء سليم، ويُعالج قلق المخاوف. شاور والدتك حول هذا الدواء، وإن وافقت فابدأ في تناوله، والجرعة هي نصف حبة – أي خمسة مليجرام – يوميًا، من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، تناول جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام، ثم توقف عن تناول الدواء.

أؤكد لك أن الاسيتالوبرام دواء فاعل وسليم، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب.

وللفائدة راجع علاج الخوف من الموت سلوكياً: (2181620 - 2250245 - 2353544 - 2419484) وحكم تارك الصلاة: (55265 - 24251 - 15161 - 226203).

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً