الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التفكير المستمر بالموت وينتابني خوف على أحبائي منه!

السؤال

السلام عليكم.

أفكر وأتخيل أني ميت دائمًا، وأحلم بذلك أيضًا، وينتابني الخوف على أحبائي، ولكن عندما أتذكر أحد أحبائي يذهب تفكيري بالموت مباشرة.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابننا الفاضل في استشارات الشبكة الإسلامية، ونسأل الله تعالى لك الصحة والعافية.

التفكير في الموت لا شك أنه تفكير يأتي على كل مؤمن ومسلم يؤمنُ باليوم الآخر، وأن هذه الدنيا ستفنى مهما طالت الأعمار، ولا ينفع الإنسان إلَّا عمله الصالح الذي عمله في الدنيا، وكما جاء في الحديث الذي يُروى عن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: (الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ الأماني)، أو كما قال صلى الله عليه وسلم.

وتتعدّد أسباب الموت لتنوّع التفكير، فمن الناس مَن يفكّر في سكرات الموت، وفي عذاب القبر ووحشته، ومنهم من يُفكّر في يوم الحساب، ومنهم من يُفكّر في أهوال يوم القيامة، وكل هذا يبعث الخوف من الموت، ومن الناس مَن يخاف أن الموت يقطع عليه آماله وطموحاته، ويمنعه من الاستمتاع بملذّات الدنيا ونعيمها، وكذلك يُفرّق بينه وبين أحبته وأهله وأقاربه، ومنهم مَن يخاف من الموت؛ لأنه سيذهب إلى عالَم مجهول بالنسبة له، ... وهكذا الأمر.

فإن التفكير السلبي يُظهر كل ما هو مخيف ومقلق في موضوع الموت، ولكن ينسى مثل هؤلاء الجانب المُشرق للحياة بعد الموت، وقد ينسون رحمة الله سبحانه وتعالى بعباده، وينسون الجنّة التي فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، وينسون أن المؤمن يفرح بلقاء الله عز وجل لما يجده من الثواب والنعيم والملك، جزاء بما عمل في هذه الدنيا، وهناك العديد من الآيات القرآنية التي تُبشّر بذلك، وعلى المؤمن أن يُحسن الظنّ بالله، ويعلم أن رحمة الله قريب من المحسنين، ورحمته سبقت غضبه، وأن الله عند حسن ظن عبده به، وقال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إِلَّا وَهُوَ يُحْسِنُ بِاللَّهِ الظَّنَّ)، وليكن قلب المؤمن بين الخوف والرجاء.

وإذًا ابننا الفاضل نقول لك: لابد أن تُغيّر طريقة تفكيرك عن الموت بحيث لا يكون سببًا في تعطيل طاقاتك وقدراتك، وتعيش في الدنيا كأنّك مُعاق أو مستسلم، فأنت لا زلت في بداية شبابك، ويُرجى منك الكثير، ويمكنك أن تُسعد نفسك وتُسعد مَن حولك، وتُقدّم لوطنك الكثير من الإنجازات التي ينتفع بها المسلمون، وتكون صدقة جارية لك، ولا تتبع خطوات الشيطان التي تُفسد لك حياتك، بل خطّط لمستقبلك، وضع لك أهدافا واضحة واسعى لتحقيقها، وأحسن الظنّ بالله عز وجل، واطلب منه العون، فإنه لن يُضيّعك، وسيُرشدُك لما فيه خير الدنيا والآخرة، واعلم أن الإنسان مُكرّم، وهو خليفة الله سبحانه وتعالى في الأرض، وينبغي أن يتحمّل الأمانة التي أُوكِلَتْ له كي ينال رضا ربه، ولذلك فإن الانشغال بهذا الموضوع كثيرًا لا شك أنه يُؤثّر حتى على طبيعة أحلامك، ولكن التجاهل والتغافل والانشغال بأشياء أخرى؛ هذا سيبعد عنك هذه الأحلام التي تنتابك بين الحين والآخر، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يُثبت قلبك، ويُزيل عنك كل المخاوف التي تخاف منها.

وللفائدة راجع علاج الخوف من الموت سلوكياً: (2181620 - 2250245 - 2353544 - 2419484).

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً