الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أخشى أن تقودني قسوة والدي للعقوق به، فما نصيحتكم؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا عمري 19 سنة، من صغري وأنا أعيش في المشاكل التي تدور بين والديّ، وهذا أثر علي في الكبر، فأصبحت كثير القلق من نفسي وممن حولي، ولكنني لا أؤذي أحداً، وأبي يفتعل المشاكل مما يجعلني عصبياً، أصرخ على والدي، وأكسر أي شيء يخصني، ثم أذهب لإرضاء أبي.

أخاف أن أتسبب في مشكلة بين والديّ، على سبيل المثال اليوم ذهبت لأشتغل مع أبي في السوق، فبدأ بالصراخ علي أمام الجميع -هذه ليست أول مرة-، أنا أخشى أن أقع في عقوق الوالدين، عندئذ لن أسامح نفسي، فهو أحيانًا يدعو علينا أو يلعننا أنا وإخوتي، ويفتعل المشاكل.

صحتي النفسية لا تتحمل، مع العلم أن أمي هي التي تشتغل وتدفع مصاريف المنزل، أما أبي فهو لا يشتغل في الحقيقة، ولا يحب العمل، وقد اعتاد أن تعمل أمي، ونحن أناس فقراء، وأنا منذ الصغر لم أنعم بشيء يتمتع به أندادي، ولكن دائماً ما أقول في نفسي هذا ابتلاء من الله، وقلت لأمي إن حدثت مشكلة فلن تروا وجهي، حلفت وأنا أول مرة أحلف ولا أخلف، لأني أخاف من الحنث.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على بر الوالد والوالدة، ونسأل الله أن يُعينك على الخير.

سعدنا لأنك تُسرع الرجوع والاعتذار، وهذا أمرٌ في غاية الأهمية، ولكن نتمنّى أن تتفادى رفع الصوت أو الصياح أمام الوالدين، فحتى لا تضطر إلى الاعتذار بعد ذلك، وتذكّر أن صبرك على الوالد وصبرك على ما يصدر منه هو لونٌ من ألوان بِرِّه، وإذا لم يصبر الواحد مِنَّا على والده فعلى مَن يكون الصبر؟!

كما أرجو أيضًا ألَّا تنقل المشاكل، ولا تنقل ما يحدث لك للوالدة؛ لأن ذلك سيزيد من ألمها وأتعابها، ولكن تحمّل ما يحدث، واصبر على مواقف الوالد التي طبعًا لا نُؤيده عليها، ولكن يظلّ والدًا وإن قصّر في بعض الأشياء، واعرفوا للوالدة فضلها، وكونوا عونًا لها على تجاوز الصعاب التي تواجهها.

ولا نؤيد فكرة الخروج من البيت أو ترك المكان للوالدة أو للوالد، لأن هذا ممَّا لا يُرضي الله تبارك وتعالى، وممَّا يزيد الأمور تعقيدًا، وإذا كنت قد حلفتَ فإن الحلف هذا الذي تترتّب عليه معصية – وهي عقوق الوالدين – تستطيع أن تخرج منه بالكفّارة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يُخبرنا أنه (من حلف على يمينٍ فرأى غيرها أتقى لله فليُكفّرْ وليأتِي التقوى)، فلا تخرج من البيت، ولا تُطبّق هذا الحلف الذي حلفته مهما حصل، وعليك كفّارة، وهذه الكفارة طبعًا هي: {فإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم، واحفظوا أيمانكم}، وإذا كانت الأسرة فقيرة فعليك أن تصوم، لكن لا تحاول أبدًا الخروج من البيت مهما حصل من الوالدين، لأن هذا يُكبّر المشاكل ولا يصغّرها، ولا يُساعد على حلِّها.

نسأل الله أن يُعينك على الخير، ونحن سعداء بهذا التواصل الذي خلفه روح طيبة ونفس لوّامة ورغبة في البِرِّ، وهذا ما نوصيك بالاستمرار عليه، لأنه من أبواب الرزق والخير، وقبل ذلك فيه إرضاءٌ لله.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً