الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتعبتني وساوس الوضوء والعبادة وضاع وقتي بسببها..فساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من وسواس الصلاة والوضوء، فكلما آتي إلى الصلاة أو الوضوء وأريد أن أبدأ تراودني فكرة بأنني لست مستعدة، أقصد لم أحقق النية، وأشعر بضيق في صدري.

إذا بدأت الصلاة لا تفارقني تلك الوساوس، مثال: لم تسجد سجدتين بل واحدة فقط، لم تقل تكبيرة الانتقال، وهكذا.

أظل في الصلاة دون خشوع، وأشعر دائمًا بالضيق في صدري، والقلق، والارتباك، والخوف، بدأت أجد المشاكل مع عائلتي ودراستي، وبسبب الوسواس لا يبقى لدي الوقت كثيرًا، وأعاني من هذا الأمر منذ سنة ونصف -الله أعلم-.

ماذا أفعل؟ جزاكم الله خيراً، وهل في هذه الحالة أذهب إلى طبيب نفسي؟ والدتي تقول بأن الطبيب النفسي يعطي أدوية تؤدي إلى الحمق والإدمان.

جزاكم الله خيراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ فيروز حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك -بُنيّتي- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.

نعم -بُنيّتي- واضح من أنك تُعانين من الوسواس القهري، والذي يمكن أن يأتي بعدة أشكالٍ، منها ما له علاقة بالوضوء والصلاة، كما هو الحال معك، ولكن هناك أنواع أخرى لا داعي لذكرها الآن، إلَّا أنه وسواسٌ قهريٌ، وكونه قهرياً أي أنها أفكارٌ قهريةٌ تأتي –كما تعلمين– ضدَّ رغبتك، وهي مزعجة ومؤلمة لك، وخاصّة أنها تُصيب الإنسان المؤمن، فهي ليست دليلاً على ضعف الإيمان، بل على العكس، فلحرصك الزائد على الوضوء والصلاة يأتي الوسواس القهري بما هو عزيزٌ على الإنسان.

وواضح من سؤالك أن هذا الوسواس القهري والذي تعانين منه منذ سنة ونصف قد بدأ يُؤثّر على حياتك، سواء على عباداتك، أو حياتك الخاصة، أو على دراستك، وربما الصعوبات مع الأسرة، حيث لا شك تبقين في الحمام فترة طويلة، ممَّا يُؤخّرك على كثير من الأعمال الأخرى، كالمدرسة وغيرها.

بُنيّتي: أنصحك جدًّا بزيارة الطبيب النفسي، والأمر ليس كما ذكرت الوالدة –حفظها الله– من أن الأدوية تُؤدي إلى الحمق والإدمان، لا، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول في حق المرض البدني كما هو في حق المرض النفسي: (تداووا عباد الله، فإن الله ما أنزل داء إلَّا وأنزل له دواء، فإن أصاب الدواء الدَّاء برئ بإذن الله)، فالوسواس القهري علاجه نوعان، وأفضل النتائج هو بالدمج بين النوعين معًا.

الطريقة الأولى: العلاج المعرفي السلوكي، عن طريق جلساتٍ للحوار بينك وبين المعالِج النفسي، إلَّا أنه في كثير من الحالات الشديدة والمتوسطة لا تكفي هذه الجلسات النفسية، ولكن لابد من الأمر الثاني، وهو الدواء الفعّال في علاج الوسواس القهري.

وقد ظهرتْ معنا نتائج عظيمة في إنهاء معاناة الناس من وسواس الوضوء والصلاة بشكل جيد، لذلك أنصحك بعد الحديث مع والدتك بأن لا تترددوا أو تتأخروا في استشارة طبيب نفسي، فالسنة والنصف من المعاناة طويلة جدًّا على أي إنسان، ولا أريد لهذه الأفكار القهرية أن تُؤثّر على حياتك بشكل كبير.

في النهاية: أدعو الله تعالى لك بأن ييسّر أمرك ويشرح صدرك، ويُلهم والدتك القناعة بضرورة استشارة الطبيب النفسي، ولا بأس أن تُطلعيها على هذا الجواب الذي نُرسله لك، ليطمئنَّ قلبُها بإذن الله سبحانه وتعالى.

أدعو لك بتمام الصحة والشفاء.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً