الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حياتي مدمرة بسبب تأثير الأمراض النفسية عليّ

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعاني من اكتئاب، ووسواس، ورهاب اجتماعي، وقلق، وتوتر، وهلع، وخوف منذ 2004م، أثرت على دراستي، وكنت منعزلاً تمامًا، وأخذت شهادة الدبلوم في المنازل بالعافية، وتوظفت بمساعدة أحد الأشخاص عام 2009م، وعانيت كثيرًا حتى 2012م، وأخذت إجازات كثيرة مرضية، حتى فصلت عن العمل 2014م.

ظللت أتنقل من عمل إلى عمل حتى الآن، حياتي مدمرة، وكل يوم بحال، وكنت أتعالج، ولكن كنت أيأس كل مرة ولم أكمل العلاج، جربت كل الأدوية، ولم تنفع سيرباس وسيروكسات وسيتالوبرام ولوسترال، أكبر فترة لأخذي للعلاج كانت سنتين متواصلتين، ولم ينفع.

الآن لدي طفلان، ولا أستطيع أن أصرف عليهم بسبب حالتي، آسف للإطالة، أريد حلا، أو نصيحة.

وجزاكم الله كل خير، لا أستطيع الانتحار بسبب أولادي، أتركهم لمن؟ أحاول على قدر المستطاع.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل الأدوية لا تفيد كثيراً إذا كان الاكتئاب النفسي، أو الوسواس القهري، أو حتى القلق والخوف قائم على فكر سلبي مستحوذ وملح، بمعنى أن الفكر السلبي هو الذي يؤدي إلى اضطراب المزاج، وليس اضطراب المزاج هو الذي يؤدي إلى الأفكار السلبية أو الوسواسية.

فيا أخي الكريم: أنت تحتاج لما نسميه بإعمال الفكر بصورة إيجابية، ابحث في كل أفكارك، قم بكتابة كل السلبيات في ورقة، ابدأ بأقلها تأثيراً أو أضعفها وانتهي بأشدها، وبعد ذلك وفي صفاء تام مع نفسك، ادرس كل فكرة سلبية تعاني منها، وانظر إلى ما يقابلها من فكر إيجابي، سوف تجد أن هنالك تضخيماً كبيراً جداً في هذه الأفكار السلبية، وسوف تجد أنه بالإمكان جداً أن تعالج هذه الأفكار، هذا النوع من العلاج يحتاج لجهد من الإنسان، لكن هو الذي سوف يوصلك إلى الغايات العلاجية.

الأدوية تساهم وليس أكثر من ذلك، إذاً خطتك العلاجية يجب أن تكون خطة سلوكية أكثر مما هي دوائية، نحن نستطيع أن نقول: إن مساهمات الدواء في علاج مثل حالتك تقريباً هي 25 %، أما 75 % الأخرى تقوم على مبدأ استبدال الفكر، وتحقير الفكر السلبي، أو على الأقل صرف الانتباه عنه واستجلاب فكر إيجابي جديد.

كمثال بسيط جداً: أنت الحمد لله لديك الذرية، أليس هذا شيء إيجابي، لماذا تقفز سلبياً من الناحية الفكرية وتنزعج، أو تدخل فكرة أنه كان بالإمكان أن تنتحر؟ لكن ستترك أولادك لمن؟ هذا تضخيم وتجسيم لفكر قبيح جداً، فكر في هؤلاء الأبناء كنعمة عظيمة، فكر في المحرومين من الأولاد، وأسأل الله تعالى أن يجعلهم من الصالحين، وأنت تجتهد بعد ذلك في تربيتهم، فيا أخي الكريم الحوار الإيجابي مطلوب، وهو ركيزة أساسية من ركائز العلاج النفسي.

ثانياً: سيكون من الجميل جداً أن لا تنقاد أصلاً بأفكارك ولا مشاعرك، لكن انقاد بأفعالك، فالإنسان عبارة عن مثلث فكري من الناحية السلوكية، أو مثلث سلوكي كما نقول: أفكار، مشاعر، أفعال.

نسعى لتغيير الأفكار كما ذكرت لك، ونسعى لتغيير المشاعر، وإن فشلنا في كل ذلك يجب أن ننشط ضلع الأفعال، الصلاة في وقتها، لا بد أن أصليها هكذا، اذهب وزر صديقاً؛ لا بد أن أذهب، اذهب لأزور مريضاً؛ لا بد أن أذهب، اخرج مع زوجتي الآن؛ لا بد أن اخرج، وهكذا يا أخي الكريم، بهذه الكيفية إن شاء الله تعالى تستطيع أن تغير الكثير من هذه الأنماط السلوكية السلبية.

والدواء بعد ذلك يمكن أن تتناول أحد الأدوية، وأنا أعتقد أن عقار فلافكسين، والذي يعرف باسم إفيكسر قد يكون مفيداً في حالتك، ويمكن أن تشاور طبيبك في ذلك.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً