الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أبر أمي ولا أظلم زوجتي؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجتي تحاول دائماً أن تمنعني من المبيت عند والدتي، كوني أقطن في محافظة بعيدة عن محافظة سكن والدتي، إلا أننا نزورها كل 3 أسابيع يوماً واحداً، ومن ثم نرجع لبيتنا، وهذا الشيء لم يعجب أمي، وطلبت مني أن أبيت عندها يوماً، وعندما سمعت زوجتي بذلك لم يعجبها، فبدأت بالجدال مع والدتي، ووصل الأمر بأن يعلو أصواتهن على بعض، أنا في حيرة من أمري.

زوجتي لا تريد أن تزور والدتي، واتفقت معها على أن أذهب أنا لزيارتها بشكل أسبوعي، وأبيت عندها، وعندما طلبت أن آخذ أولادي معي رفضت بحجة أنهم صغار، وعندما سألتها أنه في حال أن زارتني أمي في منزلي، أفادت بأنها ستخرج من البيت لبيت أهلها، ولن تجلس مع أمي.

أنا في حيرة من أمري بين أمي ورضاها، وأبنائي، لأني بدأت أفكر ملياً بالطلاق والانفصال، علماً بأنها طلبت مني الطلاق، وقد تدخل أهلها لمنع ذلك، أفيدوني.

جزاكم الله خير الجزاء.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سليمان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يصلحك، وأن يحفظ لك والدتك، وأن يهدي زوجتك، إنه جواد كريم بر رحيم.

أخي الكريم: طاعة والدتك واجبة عليك، وقد جعل الله طاعتها من طاعته جل شأنه، وما ذلك إلا لعظيم حقها عليك، بل هي مقدمة على نوافل العبادات لكون الطاعة واجبة، فلو كنت في نافلة وأنت بين يدي الله راكع أو ساجد ودعتك أمك لوجب عليك قطع صلاتك والذهاب إليها وقضاء حاجتها، ولا أدل على عظم حقها من قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ). [النساء:36]،
وقوله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ). [الإسراء:23]، مما جعل ابن عباس -وهو حبر الأمة وترجمان القرآن- يقول: لا تقبل عبادة من لا يطيع والديه.

وفي الجانب المقابل: فإن إرضاء الزوجة ومراعاتها وحسن معاشرتها من الإيمان، ولا يكرم المرأة إلا رجل كريم الخلق، ودائماً ما نوصي الأزواج بأن يوازنوا بين طاعتهم لله وإرضاء زوجاتهم.

وفي حالتك -أخي الكريم- فقد وقع الصدام، ومن ظاهر حديثك يبدو أن موقف الزوجة عرض عن مرض، نعني أن هذا الموقف الحاد من الزوجة مبني على أشياء أخرى، كنا نود معرفتها لتقييم الوضع كاملاً.

وإننا ننصحك بما يلي:
1- الذهاب إلى بيت أمك والمبيت عندها واجب شرعي عليك، ولو مرة في الأسبوع كما أرادت وكما اتفقت معها.
2- أهل زوجتك قد منعوا الطلاق قبل ذلك كما ذكرت، وهذا يشير إلى حرصهم عليك وعلى ابنتهم؛ ولذا نرجو أن تتواصل معهم، وتحدثهم في هذا الأمر ليكونوا صلة تواصل مع ابنتهم ويفهموا منها علة المنع، فإن كانت العلة متفهمة فلا بأس من التعاون، وإن كانت غير مقبولة أخبروها، وكانوا ضدها.
3- نوصيك بالإحسان إلى الزوجة وأهلها، واجتهد في أن تبني جسوراً من الألفة والمودة مع المخلصين والعاقلين من أهلها، والذين لهم تأثير مباشر على زوجتك.
4- اجتهد في معرفة الأسباب التي جعلت زوجتك تأخذ هذا الموقف العنيف من والدتك، واجتهد في أن تزيله أو تحد من أثره إن لم تستطع إزالته.
5- الزوجة تتحمل أشياء كثيرة إن وجدت اهتمام زوجها بها وحسن رعايته لها، فانظر إن كنت مقصراً في شيء أو متغافلاً عن شيء فأتمه، وسدد هنا وقارب.
6- لا تخبر والدتك بما كان بينك وبين زوجتك، واجعل التقصير في تواصل الأولاد معها مرده لك أنت، فلا شك أن معرفة الوالدة بذلك سيضرها نفسياً.
7- صل والدتك مادياً على قدر ما تستطيع، وليس شرطاً أن تخبر زوجتك بما تفعله مع والدتك، المهم أن تكفي بيتك وأولادك بالمعروف.
8- اجتهد في إيصال رسائل لزوجتك بطريق غير مباشر عن طريق بعض الأخوات الصالحات لها أو الصديقات أو عن طريق الرسائل التي تتحدث عن إعانة الزوجة زوجها على بره بأهله وأمه، وأن العقوق دين يدفعه العاق في دنياه، ويلحق إثمه في آخرته، وأن الزوجة الوفية لا تدفع زوجها إلى مثل هذا النوع من العقوق.

وأخيرا: اجتهد -أخي الكريم- في الدعاء لها في صلاتك أن يهديها الله، وأن يصلحها، ولا تمل الدعاء، واحرص على تحصين بيتك من الشيطان، اجتهد أن تقرأ القرآن وخاصة سورة البقرة كل ليلة، فإن لم تقدر فالاستماع لها يومياً، مع المحافظة على الأذكار صباحاً ومساءً.

وإنا نسأل الله أن يهديكم وأن يصلحكم وأن يصرف عنكم الشيطان، إنه جواد كريم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً