الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أقنع زوجي أن يصحبنا معه في غربته؟

السؤال

السلام عليكم.

زوجي مسافر إلى بلد أوروبي -والحمد لله- يتقي الله، ويدعي الانشغال الدائم، حتى في اتصاله دائم العصبية، وهذا يحزنني، حتى أني أتجنب اتصاله، ولا أرغب في التعامل معه بأي شكل، وأتمنى الانفصال -أي الانفصال داخل البيت- ولكن أتعايش في وجوده معنا، لأني لا أشعر أني متزوجة، ولدي طفلة عمرها أربع سنوات، وأعيش في مجتمع ريفي، ولا أريد أن ألقب بمطلقة.

فكرت أن أطلب منه الزواج بأخرى، وأظل زوجته من أجل ابنتي، وحفاظاً على الشكل الاجتماعي، فأرجو أن توجهوا له كلمة رداً على شكواي أن يصحبنا في سفره، أو يحقق لي مطلبي في الانفصال دون طلاق، لأني راضية بحياتي هكذا.

علماً أنه يقول لي: كيف ترضين بهذه المعيشة؟ ويحثني على عدم التنازل عن حقوقي.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Neama حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحباً بك -أختنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والثناء على الزوج بأنه يتقي الله، ونتمنى أن تدفعه تقوى الله تبارك وتعالى إلى إعطاء الحقوق لك ولهذه البنية، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير.

إذا كان زوجك يحثك على عدم التنازل عن حقوقك، فلا تتنازلي عن حقوقك، ونحن أيضاً لا نؤيد التنازل عن الحقوق، بل ندعو هذا الزوج إلى أن يرتب الوضع، إما أن يكون معكما، وإما أن تكونا معه، ونحمد الله تبارك وتعالى أن الثقة متوفرة في أنك تشيرين إلى أنه يتقي الله تبارك وتعالى، وأرجو أن تنعكس تقوى الله على تعامله، فإن من أهم شروط الزوج أن يكون حسن الأخلاق (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه!)، فمن يتقي الله ينبغي أن يدرك أن من تقوى الله إحسان التعامل مع الزوجة، وإعطاؤها حقوقها الشرعية ورعاية البُنية، والاهتمام بهما بالطريقة التي يستطيعها، لأنك تشيرين إلى أنه حتى في جانب الاتصال يغضب، ودائم العصبية، لست أدري لماذا هو عصبي، هل لنوع الأسئلة؟ هل لإلحاحك في السؤال؟ هل لأنه فعلاً يواجه ظروفاً صعبةً؟ كل ذلك مما ينبغي أن يكون واضحاً، فالأمور بين الزوجين ينبغي أن تبنى على قواعد واضحة.

ونحن نشكر لك الثناء عليه، وندعوه إلى أن يكون على مستوى تقوى الله -تبارك وتعالى-، وأن يتذكر أنه راع ومسؤول عن رعيته، ولا نؤيد فكرة المطالبة بالطلاق، خاصة إذا كان له أعذار وجيهة مقبولة من الناحية الشرعية، فعندما يسافر الزوج فهو يضحي، والزوجة تضحي، والأمر ينبغي أن يكون بالاتفاق بينهما، إذا كانت الزوجة لا تستطيع الصبر، فمن حقها أن تطالب الزوج بأن يعود إليها، أو يأخذها إليه، وهذا ما نتمنى أن تنجحا فيه، ونسأل الله أن يجمع بينكما على الخير.

وبالطبع نحن لا نؤيد فكرة المطالبة بالابتعاد مع بقاء العلاقة الزوجية، لأن هذا فيه عقوبة لك وله، ولأن هذا لا يزيد الأمور إلَّا سوءًا، والوضع هذا لا يُقبل من الناحية الشرعية، بل المطلوب هو تحسين التواصل بينكما، وعليه ينبغي أن يدرك كل طرف أن خير الأزواج عند الله خيرهم لصاحبه، فأرجو أن تسعيا، ويكون بينكما سعي وحرص من الطرفين على إزالة الحواجز من أجل أن تعود المودة والرحمة والعلاقة الطيبة بينكما، فهذا هو الأصل، لأن هذا البُعد -سواء كان بالانفصال أو مجرد ابتعاد- يجلب مزيداً من التوتر، ويجعل المشكلة حيّة وتتجدد المشكلات، وفي هذا ظلمٌ وعقوبة للطرفين، والحياة الزوجية ما شُرعت إلَّا من أجل أن يكون الأزواج مع بعضهم، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، وأن يغفر الزلّات والذنوب.

أما إذا كان هو يريد أن يضطرك ويدفعك إلى أن تخرجي من حياته، فتسلحي بالصبر، واجعلي حياتك معه مستمرة، وذكريه بالله تبارك وتعالى حتى يقوم بالواجبات.

ونسأل الله أن يرفعنا وإياكم عنده درجات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً