الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

اختنقت بالطعام مرة، ومن حينها وأنا أخاف من البلع.

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أسعد الله أوقاتكم بكل خير.

مشكلتي سوف أضعها بكل اختصار بين يديكم، فقد يئست بعض الشيء من حالتي، بكل اختصار أنا شاب، أعاني من القلق المرضي، حيث قد جربت جميع أعراض القلق بما فيها ضيق التنفس، ونوبات الهلع، والخوف من الجنون، واختلال الأنية، وقد تخلصت منها جميعًا بفضل الله، ثم بفضلكم، ولكن يوجد شيء آخر، أشعر كأنني لا أستطيع التخلص منه وحدي، وهو أنني أعاني من خوف من البلع، كنت قد ذهبت مسبقًا إلى الطبيب، وقد فحصني جيدًا، وأخبرني أنها مجرد تشنجات في منطقة الحلق، لكنها مزعجة جدًا.

أحيانًا أشعر بأنها تزيد لدرجة أنني أجلس طوال اليوم بدون طعام، وأحيانًا أنساها، وفجأة أصبح قادرًا على تناول الطعام، وبدون تفكير، المشكلة أنني كلما تذكرت هذا العرض يعاودني مرة أخرى، أرجو أن تعطوني حلاً لهذه المشكلة، وهل هذا العرض خطير؟

ملاحظة: سبب بداية القلق المرضي معي منذ أربع سنوات، أنني في يوم من الأيام شرقت بالطعام، وكانت تجربة مخيفة جدًا، وكلما أتذكرها أشعر بغصة في حلقي.

جزاكم الله خيرًا، فأنا لا أستطيع الذهاب إلى طبيب نفسي، أو حتى أن أخبر أحدًا بمشكلتي، أتمنى مساعدتي في أقرب وقت، ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عامر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الحمد لله تعالى أنك قد تغلَّبتَ على معظم أعراضك النفسية، وأستطيع أن أقول: إنك قد وصلت إلى درجة التوازن والتواؤم النفسي بدرجة جيدة جدًّا.

العرض الذي تعاني منه هو: نوع من قلق المخاوف الوسواسي ولا شك في ذلك، وبالمناسبة: هذا العرض شائع جدًّا، الخوف من البلع، وغصّة الحلق، وهذه الأشياء منتشرة كأعراض، ودائمًا يكون لها مسبّبات أو بدايات، مثلاً في حالتك أنت شرقت في الطعام، هنالك مَن يكون مثلاً يبلع حبّة دواء ولا يستطيع بلعها بسهولة، ومن ثمَّ تتطور لديه هذه الحالة.

فالحالة هي حالة قلقية، وليست أكثر من ذلك، والإنسان يجب أن يُفكّر فيها بأنها غير منطقية، فجهاز البلع -وعلى رأسه المريء- له تنظيمه العضلي والعصبي، الذي يتولّى عملية البلع بصورة تلقائية، سبحان الله؛ عضلات المريء من أقوى العضلات، ولديها القدرة في أن تدفع أي جسم صلب -كالطعام مثلاً- دفعًا مستمرًّا حتى ينزل في المعدة.

فيا أخي الكريم: منطق الأشياء يقول إن هذا الخوف الوسواسي ليس بمنطقي، فما هو غير منطقي يجب أن يُحقّر تمامًا، وأن يتمّ تجاهله تمامًا.

من الأشياء التي سوف تفيدك تمارين الاسترخاء؛ لأن الانشداد في منطقة الرقبة وعضلات البلعوم يُساهم طبعًا في هذه العلّة، ولذا من خلال الاسترخاء التام، الاسترخاء النفسي والاسترخاء الجسدي، والذي يُؤدي إلى استرخاء نفسي في حدِّ ذاته؛ هذا إن شاء الله تعالى يفيدك كثيرًا، فطبِّق تمارين الاسترخاء، وقد ذكرنا ذلك سلفًا، وتوجد برامج ممتازة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة تمارين الاسترخاء.

عقار (سولبيريد) والذي يُعرف تجاريًا باسم (دوجماتيل) أيضًا يُساعد في هذا العرض الوسواسي النفسوجسدي، يمكنك أن تتناول السولبيريد بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.

صرف الانتباه عن هذا العرض، وتحقيره هو أيضًا من العلاجات الفكرية المعرفية الجوهرية، فأرجو أن تأخذ بهذه النصائح، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً