الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

ابني يسيء معاملتي ويضرب إخوته.. كيف أقوم بتوجيهه؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عندي ثلاثة أطفال ذكور أيتام، والآن أصبح عمر ابني الكبير 15 عامًا، وهو كثير الطلبات لم يفقه من المسؤولية شيئًا، وهو يدرس في الصف الثامن الشرعي، لديه مشكلة بأنه يغضب بشكل كبير وسريع على أي سبب، ولديه نبرة شديدة وحدة في الكلام معي، ويضرب إخوته كثيراً، وعندما أنصحه يتقبل أحيانًا، وأحيانا يبرر بحجج واهية، وأحيانًا يبكي ندمًا، ولكنه سريعا ما يعود لطبعه، فغضبه مسيطر عليه، وهذا ما يجعله يدخل في العقوق من أول عمره، وأنا أريد مساعدته.

تحدثت معه كثيرًا موضحة هذا الأمر له، فيستجيب بالكلام، وبأول موقف ولو بعد ساعة من الكلام يسيطر غضبه عليه، ويصرخ ويغلط في الكلام، ويسيء إلي ولإخوته.

فماذا تنصحوني أن أفعل معه؟ اليوم رأيت زوجي رحمه الله في المنام، فخطر لي أن أقول له أبوك زعلان منك، فهل يجوز هذا، وإن لم يقل لي أبوه ذلك لأعظه وأنصحه، أم لا يجوز؟

أطلب نصيحتي تجاهه، كيف أتصرف معه؟ وجزاكم الله عني خيرًا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم حبيبة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك أختنا العزيزة في استشارات إسلام ويب.

أولاً: نسأل الله تعالى أن يتولاك ويتولى أولادك، وأن يُصلح لكم دينكم ودنياكم وآخرتكم.

ثانيًا: معالجة مشكلة هذا الولد ومحاولة إبعاده عن هذا الخُلق ليس بأن تقولي شيئًا لم تريه في منامك، فهذا مع كونه محرَّمًا فإنه أيضًا غير مفيد كثيرًا، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن تحلَّم بحلمٍ لم يره كُلِّف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل) يعني لا يستطيع أن يفعل، والمعنى كما يقول العلماء في شرح الحديث: المقصود بالتكلُّف نوع من التعذيب، فكونك تريدين أن تقولي له بأن أباه قال كذا ولم يقله داخلٌ في هذا الحديث وهو محرَّم، ولكن الطريق الصحيح لمعالجة هذا الوضع أن تعوّديه على التعاطي لأدوية الغضب التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم، وبتعوده عليها فإنه إن شاء الله تعالى سيتغلب على هذا الخلق الذميم.

وأوّل الأدوية والأسباب المعينة على قلع هذا الغضب هو العمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي جاء يطلب منه الوصية، فقال له عليه الصلاة والسلام: (لا تغضب) فكرّر سؤاله مرة ثانية فقال له عليه الصلاة والسلام: (لا تغضب) حتى فعل ذلك ثلاثًا، والمعنى بقوله (لا تغضب) أي: لا تتعاطى الأسباب التي توقعك في الغضب، وإذا غضبت فلا تترك الغضب يسيطر عليك ويوجّه تصرفاتك.

فهذا أول السلوك الذي ينبغي أن يُنصح به هذا الولد، ألَّا يتعاطى ولا يفعل الأشياء التي قد توقعه في الغضب، ثم من أدوية الغضب أيضًا أن يُعود الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم حينما يُهاجمه الغضب، وأن يُغيّر هيئته وحاله، فإذا كان قائمًا يجلس، وإذا كان جالسًا يضطجع، وينبغي أن يغادر المكان الذي حدث له فيه غضب، وينبغي أن يتوضأ، فإن الغضب من الشيطان، والشيطان خُلق من نار، والنار يُطفئه الماء، وإذا تمكّن من أن يُصلي ركعتين فذاك أحسن.

فهذه التوجيهات النبوية نافعة ولا شك في مداواة هذا الخُلق الذميم، فإذا هو تعوّد على تعاطيها فإن غضبه سيقلّ وقد ينتهي بإذن الله تعالى، وأكثري من الدعاء له، فإن الدعاء نافع، ومن أعظم الوسائل التي توصل الإنسان إلى المطلوب والمقصود.

والصحبة الصالحة مؤثرة في سلوك الإنسان، فالصاحب الناصح يُذكّره وقت النسيان ويوجهه إلى ما فيه مصلحته ومنفعته، فاحرصي على أن يكون أصحابه من الأخيار بقدر الاستطاعة، وجنّبيه مصاحبة الأشرار.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يتولى عونك، وييسر لك أمورك كلها، وأن يُصلح لك أولادك ويبارك لك فيهم.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً