الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أتعبتني وساوس الوضوء والصلاة، فساعدوني

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا بنت عمري 20 سنة، ومنذ مدة تقريباً 10 شهور وأنا أصلي، ومنذ مدة طويلة وأنا ملتزمة في الصلاة على وقتها، حتى أنني ارتديت الحجاب، لكن بعد مدة أصبحت تراودني وساوس كثيرة في كل شيء، في صلاتي، في وضوئي، في الاغتسال، وأنا أعلم أن هذه الوساوس من الشيطان، وعلي الإعراض عنها لكن لا أستطيع، أصبحت أجمع الصلوات 6 أيام وأكثر، أصبحت أكره حالتي هذه، كلما توضأت لأصلي أحس بأن صلاتي باطلة لأنني أجمعها، فأظل أبكي، ماذا أفعل، بعدما كنت أصلي صلاتي في وقتها أصبحت الأن أجمعها لمدة طويلة وضميري يؤنبني؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ شيماء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يصرف عنك شر هذه الوساوس، ويكتب لك عاجل العافية منها.

والدواء السلوكي –أيتها البنت العزيزة– هو المخرج الذي به تتخلصين -بإذن الله تعالى- من هذه الوساوس، فما تفعلينه أنت الآن من تأخير الصلوات وجمعها إنما هو ممارسة فعلية لتثبيت هذه الوساوس وتقويتها، وتسهيل تسلُّطها عليك، وليس هذا هو الطريق الصحيح، فإن الله سبحانه وتعالى رحيمٌ بك، غير محتاج إلى عبادتك، إنما يختبرك فقط بهذه العبادات، هل تُطيعين الأوامر وتمتثلين للتوجيهات، فإذا وجد منك هذا الامتثال وهذه الطاعة تقبّل منك هذا العمل ورضي عنك، فإذا فهمت هذا الفهم عرفت بأن أداءك للعبادة على الوجه الذي شرعه الله تعالى لك ولو كان فيه تيسير وتسهيل لك؛ فإن ذلك هو الذي يريده الله تعالى منك، فالله تعالى لا يريدُ أبدًا أن يُوقعك في المشقة والحرج، ولهذا يقول في آية الوضوء: {ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم}.

فالحرج والمشقة أمرٌ رفعه الله تعالى عن العباد رحمةً بهم ولطفًا وبِرًّا وتيسيرًا، ومن تيسيره سبحانه وتعالى أنه شرع للمريض أحكامًا ليست كالأحكام التي شرعها للإنسان الصحيح، فلو أن مريضاً كلَّف نفسه وشقّ عليها وأراد أن يفعل ما يفعله الأصحاء فإنه بلا شك سيُؤدي بذلك إلى إرهاق كبير ومشقة شديدة وتعب كبير، وربما لا يستطيع أن يفعل العبادات التي يفعلها الإنسان الصحيح.

فليس صوابًا إذًا أبدًا على الإطلاق أن يتعامل الإنسان المريض مع نفسه ويريد منها أن تفعل ما يفعله الإنسان الصحيح، وكما أنه ليس صوابًا في العقل والمنطق هو ليس صوابًا في الشرع أيضًا، فالشرع جاء بالتشريعات المناسبة لكل إنسان بحسب حاله، والوسوسة –أيتها البنت الكريمة– هي نوع من المرض، ولهذا شرع الله تعالى للإنسان الموسوس أحكامًا تصلح لحاله حتى يتخلص من هذه الوسوسة، فمن هذه التشريعات التي شرعها الله تعالى للموسوس أن خاطبه بأن لا يلتفت لهذه الوسوسة، ولا يُبالي بها، ولا يستمع لوعظ الشيطان ونُصحه حين يأتي فيخوّفه على عبادته، وأنه قد يُقصّر فيها، ونحو ذلك من الوساوس الشيطانية، والغرض منها أن يقطعه عن الصلاة كما فعل معك أنت تمامًا.

فالله سبحانه وتعالى شرع للموسوس رخصًا، من هذه الرخص ألَّا يُبالي بهذه الوسوسة، فيصلِّي صلاته بشكل طبيعي، ولو حصل فيها خلل فإن الله تعالى يُسامحه ويتقبّل منه هذه الصلاة، ويغفر له، ولا يُطالبه بأن يفعل ما يقوله الموسوس، بل الله سبحانه وتعالى يُحذّرنا أشد التحذير من اتباع خطوات الشيطان، فيقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان}.

فالحل الوحيد –أيتها البنت الكريمة– في شأنك أنت الآن وفي حالك هو أن يتقوّى قلبُك لممارسة الدواء والعلاج، وهو الإعراض عن الوساوس، فلا تبالي أبدًا حين يقول لك الشيطان أن وضوءك ناقص، أو أن صلاتك ناقصة، أو غير صحيحة، أو حصل فيها خلل، لا تُبالي بشيءٍ من هذا، فإذا فعلت ذلك وصبرت عليه فإن الله سبحانه وتعالى سيمُنَّ عليك بالعافية العاجلة من هذه الوساوس وتزول عنك، وسنسمع منك أخبارًا سارَّةً -بإذن الله تعالى-.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يَمُنَّ عليك بالعافية، وييسّر لك الخير.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً