الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنصح والدتي بالتوقف عن بعض الأخطاء؟

السؤال

السلام عليكم.

والدتي سريعة الغضب، وسريعة النسيان، حاولت بشتى الطرق نصحها بأن تصبر على غضبها، وأقول لها عن تأثيره، ولكن دون جدوى!

الأمر الذي يهمني من كثرة النسيان هو أن صلاتها فيها الكثير من الأركان غير المنضبطة، مثلاً: بعد الركوع تقول: الله أكبر، وهي في طريقها للسجود تقول: "سمع الله لمن حمده رب العالمين"، وليس العكس، وبعد السجود تقول: الله أكبر مرةً واحدةً، والمرة الثانية للسجود لا تقول: الله أكبر.

وعندها عيب الغيبة والنميمة، ولكن بعدما أقوم بنصحها تستوعب الأمر وترجع عن كلامها، هي كثيرة الشكوى، وكثيرة الحديث، وتحمل لوالدي كراهيةً، وغضبها السريع أنا متأكد من أنها اكتسبته بسبب كثرة خلافاتهم مع بعض، وكثيرة الكلام عنه بالسوء، علماً أن كل هذه الأمور مكتسبة، حدثت بعدما تزوجت أمي واختلطت بأهل أبي، ورأت فساد لسانهم وتجرئهم، وما لحقها من أذى الوالد حتى تشبعت وأصبحت تشابههم في ذلك!

فهل صلاتها باطلةً؟ وطريقتها في التعامل يجعلها ممن يكفر العشير؟ وبماذا تنصحونها؟

جزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أدهم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكر لك حرصك على بر أُمّك، والاهتمام والاعتناء بسلامة دينها وصحة عباداتها، وتجنيبها ما حرَّم الله تعالى عليها، وهذا من بِرِّها والإحسان إليها، ونسأل الله أن يجعله مفتاحًا للخير والسعادة في حياتك.

ونصيحتنا لك –أيها الحبيب– تتلخص في الأمور الآتية:

أولاً: لا تيأس من تذكير أُمّك ونصحها بالأسلوب الحسن، بل بالطريقة الأحسن، مستعملاً الرفق واللين والأدب، فهذا مع كونه أمرًا بالمعروف ونهيًا عن المنكر، هو أيضًا برٌّ خاصٌّ بالأم؛ لما فيه من تجنيبها الوقوع فيما يُغضب الله تعالى عليها.

وأمَّا ما ذكرته في شأن صلاتها: فما تُخِلُّ به من الأذكار لا يُبطل الصلاة، فإذا نسيت أن تقول: (الله أكبر) في حركاتها، في نزولها أو في ارتفاعها، من ركنٍ إلى ركنٍ، فإن ذلك لا يُبطل الصلاة ولو تعمّدته عند أكثر الفقهاء، فحاول أن تُذكّرها وتُعلِّمها هذه الأمور بالرفق واللين، فإذا فعلتها فالحمد لله، وإذا لم تفعلها فصلاتُها صحيحة.

وأمَّا ما ذكرته من تعاملها مع زوجها ففيه بعض المحرمات كالغيبة والنميمة -كما ذكرتَ- فانصحها أن تتجنّب هذا، وذكّرها بعواقب هذه الذنوب، وأنها مُذهبة للحسنات، وأنها سبب لعذاب القبر، فبالوعظ الحسن المستمر ستتغلّب -بإذن الله تعالى- هي على هذه الأخلاق والعادات، فكما اكتسبتها بالتعوّد ستستطيع بإذن الله تعالى التخلص منها أيضًا بالتعوّد، والله تعالى يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينَّهم سُبلنا}.

ولكن إذا ذكرت ظلم الزوج لها لبعض الناس الذين يُعينونها على التخلص من هذا الظلم؛ أو اشتكت هذا الظلم لمن يُنصفها؛ فإن هذا ليس داخلاً في الغيبة.

ونصيحتنا الإجمالية -أيها الحبيب- هي: أن تسعى جاهدًا في تقوية إيمان أُمِّك، فإن الإيمان كلما قويَ حجز صاحبه عن الوقوع في المعاصي والمحرمات، ولهذا يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (الإيمان قيد الفتك)، وهذا الإيمان يقوى بكثرة الأعمال الصالحة، فحاول أن تُذكّر أمك دائمًا بالأعمال الصالحة، ومن أهمها: الإكثار من ذكر الله تعالى، والإكثار من الصلوات النافلة، وسماع القرآن الكريم، وحضور مجالس الذكر، ففي هذه الأعمال ما يشغلُها عن الأعمال الأخرى السيئة التي ذكرتها في سؤالك.

نسأل الله تعالى أن يجعلك مفتاحًا للخير مغلاقًا للشر.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات