الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مكتئبة وأشعر أن هناك من يراقبني، ما تشخيص حالتي؟

السؤال

السلام عليكم.

أنا طالبة في الثانوية، أعاني من الاكتئاب منذ 4 سنوات، بدأ الأمر بشكل تدريجي، وتطور مع الوقت، لا أستطيع الحديث مع الآخرين، ودائماً ما أخطئ في الكلام، أو أتلعثم.

عانيت في السنة الماضية من صداع شديد، ودوار طول الوقت، حتى أصبح يؤثر على دراستي. الجميع وحتى عائلتي يخبرني بأنني مبالغة، وأشكو كثيراً، حتى لم يعد أحد يصدقني.

ذهبت إلى الطبيب، ووصف لي دواءً للصداع النصفي، تحسنت عليه قليلاً -والحمد لله-، ومنذ عدة أشهر بدأت أرى أشياء غريبة، وأشعر دوماً أنني محاطة بأشخاص يراقبونني، أخبرت والدتي، لكنها لم تعر للأمر اهتماماً، ذات مرة أيضًا كنت أحاول النوم، وأغمضت عيني ثم فتحتها، فرأيت شيئاً فوقي كالجثة الباهتة ذات عيون سوداء تنظر إلي مباشرة، أخذت أبكي في مكاني، لا أعلم إن كانت مبالغة، ولكنني متأكدة بأن ما رأيته ليس وهماً، وأسمع أحيانًا صوت مشي في المنزل.

لا أستطيع التحكم في غضبي أبداً مهما حاولت، وفي مرة تشاجرت مع أخي وكنت غاضبة جداً، فذهبت إلى المطبخ وبدون إدراك جرحت يدي بسكين حادة، كما حرقت يدي بالماء المغلي، بسبب تأنيب الضمير.

منذ فترة شعرت بشعور كالشلل الكامل، ولم أقدر على التنفس، وكنت أرتجف بشدة، ما أذكره أنني صرخت بصوت عالٍ لبضع دقائق، وبعد قليل عدت إلى وعيي نوعاً ما، ولكنني تعبت كثيراً يومها، حتى لم أستطع أن أفكر في أي شيء حرفياً.

غالباً أقضي يومي كله في التفكير والخيال، أضحك وأبكي على ما يدور في خيالي، لقد فقدت شغفي بالدراسة، لم يعد لدي أي تركيز، دائماً أفكر وأفكر، ولا أستطيع التوقف، الحمد لله أصلي، وأدعو الله دائماً بالهداية، أفيدوني رجاءً.

وشكراً لكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ تالا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أرحب بك في إسلام ويب، وأسأل الله لك العافية والشفاء.

حالتك بالفعل حالة نفسية عُصابية، ولا أعتقد أنها ذهانية، يعني ليس لديك مرض عقلي، لكن لديك قلق، لديك توتر، لديك مخاوف.

وموضوع أنك قد أُصبت بشلل كامل ولم تقدري على التنفس: هذا نوع من التحوّل الهستيري، كما يُسميه علماء النفس والسلوك، وهو دليل على وجود القلق والتوتر والعصبية الزائدة.

أنت أيضًا تأثّرت كثيرًا بما يدور في المجتمع حول السحر والعين وعالم الغيبيات، حديثك بأنك رأيتِ شيئًا كالجثّة الباهتة ذات عيونٍ سوداء تنظرُ إليك مباشرةً: هذا من وجهة نظري ناتج من القلق والخوف، لكن أيضًا التأثير والثقافة المجتمعية والبيئية لعبت دورًا لأن تتكوّن مثل هذه الأفكار لديك على مستوى الدماغ.

أنا أعتقد أنك محتاجة لأن تقابلي طبيبًا نفسياً، أرجو أن تتحدثي مع والدتك في هذا الخصوص، ولا أوافق على أنك تُبالغين في شكواك، لكن ربما يكون هنالك نوع من استدرار العطف على مستوى العقل الباطني، وهذا يحدث لنا جميعًا، الإنسان أحيانًا يتضايق ويتوتر داخليًّا، ويحاول أن يلفت نظر مَن حوله، استدرارًا لعطفهم، وهذا نوع من المتنفّسات النفسية المعروفة لدينا في علم النفس والسلوك، وحتى إن كانت ليست أمرًا حميدًا؛ لكنها واقع، ولا تعني أبدًا أن الإنسان يُبالغ أو يُمثّل أو يدّعي، الأمر ليس كذلك.

أنت لديك القدرة أن تنهضي بنفسك، هذه الأعراض يجب أن يتم تجاهلها، هذه أحد الأشياء الضرورية المهمّة جدًّا.

ثانيًا: نامي مبكّرًا؛ لأن النوم المبكّر وتجنُّب السهر يعطي فرصة كبيرة للدماغ وللجسد ليحدث فيهما نوع من الاستقرار والترميم الكامل، واستفيدي من الصباح، الصباح طيب وجميل جدًّا، استيقظي مبكّرًا، صلي صلاة الفجر، وادرسي بعد ذلك لمدة ساعة، ثم اذهبي إلى مرفقك الدراسي.

هذا حقيقة سوف يُساعدك كثيرًا لبناء شخصيتك، ولأن تكوني إنسانة ممتازة في إدارة الوقت، وهذا يُقلِّصُ كثيرًا من الأعراض العُصابية التي تشتكين منها.

أريدك أيضا أن يكون لك مشاركات داخل المنزل، ويكون لك تواصل مع صديقاتك وزميلاتك في الدراسة، وأن يكون لك آمال وطموحات وأهداف مستقبلية، وضعي الآليات التي توصلك إلى هذه الأهداف.

ممارسة الرياضة التي تناسب الفتاة المسلمة أيضًا سوف تكون مفيدة لك جدًّا، الحرص على الصلاة والأذكار التي بعد الصلوات، وأذكار الصباح والمساء، وتلاوة القرآن، من الأشياء التي تبعث على الطمأنينة في نفس الإنسان، وتؤدي حقيقة إلى زوال القلق والتوتر، وكل الظواهر السلبية التي تحدثت عنها.

موضوع التفكير والخيال والضحك والبكاء: هذه كلها دليل على عدم الاستقرار النفسي، والذي ذكرناه لك هو الطريق الذي يُمهّد لك -إن شاء الله تعالى- الاستقرار الكامل.

ربما تكونين في حاجة لعلاج دوائي بسيط، لكن هذا يتطلب ذهابك إلى الطبيب.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً