الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أعاني من صداع في الرأس مع دوخة، هل السبب عضوي أم نفسي؟

السؤال

السلام عليكم.

اسمي صلاح الدين، عمري 20 سنة، قبل سنة أحسست بألم مفاجئ بالصدر ومستمر، بعد أسبوع ذهبت لعمل تخطيط القلب والتحاليل، قال لي الطبيب إن المشكلة نفسية وليست عضوية وعليك الذهاب لطبيب نفسي، بعد ستة أشهر لم يختف الألم فذهبت إلى المختص النفسي فقال لي: عندك قلق حاد، ووصف لي بعض الأدوية، لم أقم بأخذها، فصبرت حتى ذهب الألم بعد حوالي 5 أشهر.

الآن أعاني من صداع في الرأس مع دوخة، وعدم ثبات، وتعب، ذهبت إلى ثلاثة أطباء قالوا لي إن التوتر (العصاب) هو السبب، مع مشكلة في المعدة وفي القولون سببه.

أريد أن أعرف ما العلاج؟ هل أذهب إلى طبيب نفسي أم أتبع نصائح طبيب الأسرة؟ مع العلم بأني أحيانا تنتابني نوبة صداع شديد مع الشعور بالانهيار.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صلاح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء.

أخي الكريم: كما تعرف فإن النفس والجسد لا ينفصلان، وهنالك حالات معروفة نسميها بالحالات النفسوجسدية، أي: تكون الأعراض في شكلها الظاهري عضويّة وجسديّة دون وجود مرض عضوي حقيقي، إنما التوتر النفسي هو الذي يتحول إلى توتر عضلي في أماكن معينة في الجسد، مثلاً في الصدر -كما تفضلت- يظهر في شكل ألم، أو وخز في القفص الصدري، أو شعور بالكتمة والضيق ... هذا كله نشاهده كثيرًا، توتر نفسي تحوّل إلى توتر عضلي، وأيضًا انقباضات وتوترات عضلة فروة الرأس – وهي عضلة كبيرة جدًّا – تظهر في شكل صداع وفي شكل دوخة بالنسبة للذين يُعانون من القلق والتوتر، وليس من الضروري أن يكون هذا القلق والتوتر ظاهرًا من حيث مكوّنه النفسي، إنما يكون قلقًا مُقنَّعًا داخليًّا، لكنه يظهر في شكل أعراض جسدية كما ذكرتُ لك.

الجهاز الهضمي أيضًا من الأعضاء الجسدية الشائع جدًّا تأثُّرها بالتوتر والقلق، وانقباضات القولون العُصابية معروفة، الناس تقول القولون العصبي، لكن الصحيح هو القولون العُصابي. واتضح –أخي الكريم– أن حوالي ستين بالمائة (60%) من الذين يترددون على عيادات العظام يشتكون من آلام أسفل الظهر، ليس لديهم أي علة عضوية، إنما هو انشدادات وانقباضات في عضلات أسفل الظهر ناتجة من التوتر والقلق، هذه دراسة محترمة ودراسة مهمّة جدًّا.

فحالتك – أيها الفاضلة الكريم – ليست عضوية، إنما هي نفسوجسدية، وهذا لا يعني أنك تتوهم الأمراض، لا، علة النفس البسيطة هذه تنعكس على الجسد، ومن أفضل الأشياء التي تعالج هذه الحالات هو تفهمها، أن يفهمها الإنسان ويعرف طبيعتها، لذا كنتُ حريصًا حقيقة أن أشرح لك هذا الشرح المبسّط.

الأمر الثاني هو: أن يعيش الإنسان حياة صحيّة، والحياة الصحيّة تتطلب ممارسة الرياضة، حُسن إدارة الوقت، تجنّب السهر، النوم المبكّر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا وأعضاء الجسد، ويستيقظ الإنسان مبكّرًا ويؤدي صلاة الفجر في وقتها، ومن ثم ينطلق في الحياة. هذا ترتيب ممتاز جدًّا من الناحية الصحية والنفسية، ويرتقي كثيرًا بالصحة النفسية.

طبعًا التوازن الغذائي أيضًا مهم. كما قلنا الصلاة على وقتها، وبرّ الوالدين، والتواصل الاجتماعي، والترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، وأن تكون هنالك أهداف في الحياة يضعها الإنسان ويضع الآليات التي توصله إليها. الرياضة باستمرار فائدتها عظيمة، كما أن تمارين الاسترخاء تفيد الكثير من الناس.

إذًا هذا هو النمط الحياتي الذي أنصحك به، وطبعًا سيكون من الجميل أن تراجع طبيب الأسرة كما تفضلت، مرة واحدة كل ستة أشهر مثلاً، وذلك من أجل إجراء الفحوصات العامة، هذا يطمئنك كثيرًا، ولست بحاجة للذهاب إلى طبيب نفسي، لكن سأصف لك أدوية بسيطة جدًّا تُساعدك كثيرًا.

من أفضل الأدوية عقار يُسمَّى (سولبيريد) واسمه التجاري (دوجماتيل) يمكنك أن تتناوله بجرعة خمسين مليجرامًا صباحًا ومساءً لمدة شهرٍ، ثم خمسين مليجرامًا صباحًا لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناوله، واجعل نمط حياتك إيجابيًّا على نفس المستوى الذي ذكرتُه لك.

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً