الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحقيق الله لأمنياتنا وعلاقة ذلك بحبه لنا

السؤال

السلام عليكم.

مشكلتي أنني أحلم بأشياء منذ سنين لم تتحقق، بعكس من حولي؛ فهناك من تزوج، وهناك من حصل وظيفة، أشعر بأن الله لا يحبني على الرغم من أني منتظمة في صلاتي ولا أقطعها، أتمنى الموت لعلمي بأن الانتحار حرام.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ esraasaleh حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، إنه جواد كريم.

أختنا الفاضلة: هناك تداخلات في سؤالك لا علاقة لها ببعضها، وهذه التداخلات غير المنطقية هي أحد أسباب ضيقة الصدر التي وقعت فيها، مع الحكم الخاطئ الذي أصدرته، ونود منك التركيز معنا -حفظك الله-:

الصلاة واجبة عليك كمسلمة، ولها أجر عظيم عند الله تعالى في الدنيا والآخرة، لكن لا ارتباط لها بنجاح دنيوي من عدمه، هذا أمر وذاك آخر، ولا ارتباط لمحبة الله هنا للعبد من عدمه بنجاح الإنسان، ودعينا نضرب مثالاً: لو افترضنا أن هناك شابين أحدهما مسلم، مصل، عابد، لا يترك المسجد، ويقرأ القرآن دائماً، والآخر كافر بالله العظيم، لا يؤمن برب، ولا يتوجه إليه بالدعاء، المسلم لم يذاكر، ولم يهتم بدراسته، والكافر أدى ما عليه واجتهد في تحصيل مادته، في آخر السنة سينجح الكافر ويرسب المسلم! ليس لأن الله يحب الكافر ويبغض المسلم، بل على العكس، شراك نعل المسلم أفضل عند الله من ملء الأرض من الكافر، لكن هذا قانون السنن الكونية الذي وضعه الله تعالى في الأرض، من جد في أمر وجد ما سعى له ولو كان كافراً، فالفصل بين الأمرين -أختنا- أمر لابد منه حتى نفهم قانون السنن الكونية.

ويدلك على ذلك -أختنا الكريمة- أن أحب الناس إلى الله عز وجل وهم الأنبياء أكثرهم ابتلاءً، فقد سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (يا رسولَ اللهِ! أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: الأنبياءُ، ثم الصالحون، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه، فإن كان في دِينِه صلابةٌ، زِيدَ في بلائِه، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ) وهنا يظهر لك أن البلاء لا ينفك عن المتدين الحق، بل كلما زاد إيمانه زاد ابتلاؤه؛ لأن الله يريد له مكانةً أخرى، ويوم أن يلقى الله عز وجل صابراً محتسباً سيجد من الخير ما لا يخطر له على بال، ومن النعيم ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.

أمر آخر -أختنا الكريمة-: البلاء موزع على الناس جميعاً بالعدل والقسط، ولكن كل واحد يبصر ابتلاءه فيظن أنه أكثر الناس بلاءً، وليس بذلك عند التحقيق، فالذي لم تتحقق أمانيه ولا مرة خير ألف مرة من ذاك الذي ينتظر الدواء كل يوم، والذي ينتظر الدواء خير من الذي لم يجد المال لشرائه، والأخير هذا خير من مريض الكلى الذي يتعالج يومياً، ومريض الكلى خير من مريض السرطان الذي لا علاج له، وهكذا -أختنا- لو نظرنا إلى الناس لوجدنا الجميع مبتلى لحِكَم يعلمها الله تعالى، والواجب على المسلم: الرضا بقضاء الله تعالى، مع بذل كل الأسباب الممكنة الدنيوية لتحقيق ما أراده، ودراسة الفشل بطريقة علمية لا عاطفة فيها، ثم البناء على ذلك، وتجنب أخطاء الماضي، بذلك يتقدم كل يوم خطوة.

وأخيراً: العبد لا يعرف خير الأمرين ولا شر الطلبين، فقد يطلب الخير وهو شر له ولا يدرى، فيصرف الله عنه الشر الذي يظنه خيراً، والعكس صحيح، وهذا بعض قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً