الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

هل حالتي عبارة عن رهاب تناول الطعام مع الآخرين؟

السؤال

السلام عليكم

لدي مشكلة هضمية معقدة، أشعر بأن رأس معدتي مغلق، وشهيتي معدومة، عندما يدعونني لتناول الطعام في المنزل أو المطعم، ولا أستطيع تناول الطعام أبداً، أشعر بالتوتر الشديد في منطقة رأس المعدة، وتتوقف قدرتي على الطعام، وأشعر أنني سأتقيأ لو تناولت أي شيء.

هذا الموضوع قد حد من نوع حياتي واجتماعيتي، وأنا لا أقدر على الزواج بهذه الحالة، أخاف من عزائم الأكل.

لدي رهاب من هذا الموضوع، حيث تبدو على وجهي ملامح التوتر، وأشعر بأنني غير طبيعي، وأخاف من تناول الطعام، وشهيتي تصبح معدومة، ولا أعلم ماذا أفعل! هل أنا مصاب بالوسواس القهري؟

لا أستطيع تناول الطعام والغرباء موجودون على نفس الطاولة، هذه الحالة تنتابني عندما يدعوني أحد لتناول الطعام في المنزل، أو عندما يدعونني إلى مطعم، أو حضور حفلة، أشعر أن رأس معدتي متشنج بشدة، هذا الأمر يزعجني، ويشعرني بالإحراج.

بارك الله فيكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك –أخي الفاضل– عبر إسلام ويب، ونشكر لك وصفك الجيد لهذا السؤال.

أخي الفاضل: يغلب على تقديري أن ما تعاني منه هو الرهاب الاجتماعي، وهو أكثر أنواع الرهاب انتشارًا بين الناس، وإن كانوا لا يتحدثون عنه خشية أن يُستهزأ بهم، وأن يستغرب الناس هذا الرهاب، حيث إن الذي لا يعانى منه لا يكاد يُدرك حقيقته وصعوبته، وأن لرهاب تناول الطعام أعراض بدنية كالشعور الذي ينتابك، من توتر وانسداد رأس المعدة، وغيرها من الأعراض البدنية.

أخي الفاضل: أهمّ شكلين للرهاب الاجتماعي الذي يدفع الشخص المصاب بتجنُّب الناس هما شكلان، الأول: الحديث والخطابة والقراءة، أو التلاوة أمام الآخرين، أو ما هو عندك، وهو رهبة تناول الطعام أمام الناس، وخاصة كما ورد في سؤالك تناول الطعام أمام الغرباء أو المطاعم أو الأماكن العامة.

إذًا – أخي الفاضل – هذا ليس وسواسًا قهريًا، وإنما هو رهبة تناول الطعام أمام الآخرين بسبب الرهاب الاجتماعي، طبعًا للرهاب الاجتماعي أشكالاً أخرى، ولكن أكثر شكلين هما الخطابة والحديث أمام الآخرين، أو تناول الطعام أمام الآخرين كما ذكرتُ آنفًا.

أخي الفاضل: لعلّك تسأل الآن: وكيف علاج الرهاب الاجتماعي؟
هناك ثلاثة أمور:
الأمر الأول: عدم التجنُّب، وإنما الإقدام والخروج، ومحاولة اقتحام ما تخافه أو ترهبه، نعم البداية ستكون صعبة عسيرة، ولكن مع الوقت ستعتاد، ويمكنك أن تبدأ بتناول الطعام في مكانٍ صغيرٍ مع شخصٍ واحد، أو ربما تبدأ بنفسك أن تجلس في مطعم وتأكل، أو تتناول شيئًا بسيطًا، ثم تسير خطوات في مكان أكبر وأكبر مع عددٍ أكبر من السابق، حتى تصل إلى مرحلةٍ لا تجد فيها حرجًا أو ارتباكًا من تناول الطعام أمام الناس.

الطريقة الثانية هي: العلاج الدوائي عن طريق وصف أحد الأدوية التي تُساعد في الرهاب الاجتماعي، والذي يمكن أن يصفه لك الطبيب النفسي، بعد أن يُؤكد التشخيص، بناء على فحص الحالة النفسية، وأخذ المزيد من التفاصيل.

النوع الثالث من العلاج هو: العلاج السلوكي عن طريق أخصائي نفسي، لا يستعمل الدواء، وإنما يسير معك خطوة خطوة في تناول الطعام أمام الآخرين، أو الأماكن العامّة، حتى تعتاد على هذا، وهذا شبيهٌ بالنوع الأول الذي ذكرتُه لك بعدم التجنُّب وبالإقدام. وأحيانًا نستعمل هذه الثلاثة معًا، (الدواء، والجهد الذاتي، والعلاج السلوكي).

أخي الفاضل: أريد أن أطمئنك أن نسبة نجاح الرهاب الاجتماعي عالية، ولكن لا بد من وجود الدافعية، وهذا واضح أنها موجودة عندك، ولذلك كتبت لنا تبحث عن السبيل وعن العلاج.

أدعو الله تعالى أن يشرح صدرك، وييسّر أمرك، ويُعينك على تجاوز هذا، ويكتب لك تمام الصحة والعافية النفسية والبدنية.

هذا، وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً