الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أوفق بين الرضا بما قسم الله لي وبين تطوير نفسي؟

السؤال

كيف أوفق بين الرضا بما قسم الله لي وبين تطوير نفسي، دون أن أجلد ذاتي بسبب تأخري عن الآخرين؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ مها حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فأهلا بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي بارك الله فيك ما يلي:

أولاً: تطوير النفس -أختنا- هو واجب عليك، وبذلك الجهد المستطاع في العلم أو العمل أو الخير بصفة عامة، هو منهج يجب عليك استخدام كل الملكات التي وهبك الله إياها لإنجاز ما أردت إنجازه.

ثانياً: القدرات تتفاوت من شخص لآخر، والإنسان لا يلام إذا بذل غاية الجهد وإن لم يصل إلى ما يريد، لكن اللوم يقع على من قدر ثم أقعده الكسل أو اللهو عن بذل ما وجب عليه، وصدق المتنبي حين قال:
عَجِبتُ لِمَن لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ ** وَيَنبو نَبوَةَ القَضِمِ الكَهام
وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلى المَعالي ** فَلا يَذَرُ المَطِيَّ بِلا سَنامِ
وَلم أرَ في عُيُوبِ النّاسِ شَيْئاً ** كَنَقصِ القادِرِينَ على التّمَامِ

ثالثاً: الرضا بما قسم الله هو سياج المؤمن وحصنه، وقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- به وبين أنه الغنى الحقيقي (وارض بما قسم الله تكن أغنى الناس)، لكن ليس معنى الرضا القعود عن العمل، بل معناه: الرضا بما أقامك الله عليه مما لا قدرة لك فيه، أو أقامك عليه بعد بذلك ما استطعت من عمل وجهد.

أما الأولى فلنضرب له مثلاً بالأعمى الذي خلقه الله كذلك، والرضا بهذا القسم واجب عليه، ومعناه التعايش معه، وعدم التسخط على القدر، مع استخدام كل الأدوات الأخرى للتقليل من آثار هذا المنع، وعليه فالرضا لا ينافي العمل إطلاقاً من هذه الزاوية.

أما الثانية فرجل اجتهد لتحصيل عمل ما، واستخدم كل ملكاته وطاقاته، وبذل كل ما في وسعه، ثم بعد ذلك لم يحصل على ما يريد بل حصل على غير ذلك، وليست هناك وسيلة ولا فرصة أخرى، فالواجب ساعتها الرضا، وعليه فهما خطان متكاملان، العمل قاعدته والرضا سقفه، ولا تعارض بينهما، وإذا آمنت بأن السعي عليك والرضا بما قدره الله لك هو الخير، فلن تجدي جلداً لذاتك إلا إذا قصرت، وهنا لا بأس من الجلد الذاتي، المهم ألا يكون أضخم من الواقع، ولا يقودك إلى الحقد أو التواكل.

نسأل الله الكريم أن يبارك فيك وأن يحفظك، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً