الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

خطبني شاب وما زال في الخدمة العسكرية.. فما توجيهكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا بعمر 18 سنة، حضر أهل الشاب لخطبتي، وهو ذو دين وخلق، ومستوى الجمال لديهم متوسط، وكذلك المال، المشكلة الأبرز أن الشاب بعمر 26 سنة، ولم يكمل الخدمة العسكرية، ولا يعلم متى تنتهي خدمته، وهو يؤدي الخدمة في محافظة غير محافظته.

قالوا لي: من المحتمل أن ينتقل إلى هذه المحافظة إن استطاعوا تدبير ذلك، كما أن السكن سيكون بعيدًا قليلاً عن أهلي ومع والدته؛ لأنها أرملة.

أشعر أن أمه ذات شخصية متوسطة، لكنها تميل إلى القيادية، وأهله أعطوني فترة من الزمن حتى أقرر، ونستمر ويأتي للنظرة الشرعية.

أكثر ما يخيفني أن تكون الخدمة طويلة لسنوات، وأن لا يستطيع الانتقال إلى محافظتي، وبالتالي تصبح فترة الخطبة طويلة، هو تخرج من كلية عملها جيد، لديه منزل والدته الذي سنسكن فيه، وقالت والدته: لا مانع لديهم من إكمال دراستي الجامعية عنده.

أبي سيسأل عنه، وأمي ستسأل عن والدة الخاطب، الآن أنا حائرة، هل أقبل بالنظرة الشرعية أم لا؟ لأنني أخاف من التأثر بأخلاقه عند رؤيته فيصبح رأيي عاطفياً، وربما تذهب سنوات عمري هكذا.

علماً أن والدي أبدى رأيه ولا يريد خطبة طويلة؛ لأن بيتنا صغير، وهو ليس مستعداً للزيارات المتكررة، وأنا أيضاً لا أؤيد الخطبة الطويلة، وأخاف أن يمضي عمري وأنا في انتظاره حتى ينهي الخدمة، لأنه لا يوجد موعد لتسريحه كما حصل مع غيره من الشباب، فهو في اختصاص مطلوب لدى الدولة في المجال العسكري، ونادر قليلاً.

أريد أن أصلي صلاة الاستخارة لأنني حائرة وخائفة أن أكون صغيرة على الزواج، وربما لا أستطيع إكمال دراستي الجامعية التي من الممكن أن تحفظ كرامتي.

علماً أنني أطمح لنيل الماجستير والدكتوراه في مجالي، ولكني أعمل بالحديث: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض، وفساد عريض).

انصحوني ماذا أفعل؟ أهلي لا يبدون أي ردة فعل، وأحس أنهم يشعرون بالحزن قليلاً لأنني سأبتعد عنهم، وكان أملهم أن أتخرج وأعمل وأساعدهم في نفقات المنزل لكبر سنهم، فأنا الأكبر، وأمي بعمر 52 سنة، ووالدي 58 سنة.

لدي أختي التي تصغرني بسنة، وأخي بعمر 13 سنة، والدي لا يعمل، وأمي تعمل، وحالتنا المادية صعبة.

فكرت في العمل بعد الزواج، وأن أعطي راتبي لأهلي، لكنني لا أضمن ذلك، أنا الآن أعطي الدروس الخصوصية في مجالي للمعارف، وأغطي نفقتي منها.

علمًا أن أسرة الشاب هم أول من طرق بابنا للخطبة وليس عن طريق الهاتف فقط، خائفة من التسرع، وأخشى الندم لو ضاعت الفرصة؛ لأن أغلب أقراني يخطبون قبل السفر إلى دولة غير مسلمة، بسبب الأحوال الاقتصادية السيئة، والعروض التي أتت لي كانت كلها للسفر.

اقترحت أمي التأجيل حتى ينهي خدمته إذا وافقوا.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ . حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.

إذا كان الوالد سيسأل عنه، والوالدة ستسأل عن الأهل، فأرجو أن تستكملوا هذه العناصر، ولا مانع من النظرة الشرعية، فحتى لو حصل وفاق فإن العبرة بعد ذلك في الاتفاق الذي يحدث، فهذه النظرة الشرعية يُبنى عليها أمور في غاية الأهمية، إذا كان صاحب دين وصاحب خلق ومن أسرة طيبة، ووجد كلُّ منكم الارتياح والانشراح والقبول والميل المشترك بينكم؛ فلا نرى التفريط في مثل هذه العلاقة بهذا الشاب الذي جاء بأهله، وجاء ليطلب يدك من الباب.

أمَّا متى يكون الزواج؟ وكيف يكون؟ فهذه ستكون الفرصة فيه متاحة للحوار وللنقاش، وعليه أرجو ألَّا تُسارعي في الرفض، والآن فرصة المسارعة في القبول أيضًا بين أيديكم، فكل طرف يسأل عن الآخر، واعلمي أن مثل هذه الأمور فرص، ومن النادر أن يأتي شاب بأهله ويكون جادًّا ويريد الزواج بالطريقة التي جاء بها هذا الشاب.

عليه نحن ننصح بالدعاء، والتوجُّه إلى الله تبارك وتعالى، والاستخارة طبعًا لا مانع من تكرارها أيضًا، تُشاوري أهلك، أيضًا الأخذ بالرأي الذي يميل إليه المحارم بعد النظرة الشرعية، التي هي العنصر الأساس؛ لأنه إمَّا أن يتحقق بعدها بقبول وارتياح، أو نفور ورفض، أو عدم توافق.

بالتالي أرجو أن تمضي في هذه الخطوات بهذه الطريقة، وبعدها لو حصل الوفاق، ولو أن الأسرة قالت أنه مناسب، ووافقوا عليه ووافق أهله عليك، عندها يأتي الاتفاق في متى تُكمل المراسيم، ويمكن أن يأتي كلام الوالدة في أن يجتهد في أن يُكمل الخدمة ويُحدد مساره، وتكونين أنت أيضًا قد قطعت شوطاً أكبر في الدراسات.

كذلك -الحمد لله- أن ظروفه طيبة، وفرصة البيت موجودة، ووالدته لا تمانع في أن تُكملي دراستك، وهذه الشروط يمكن أيضًا أن تكون واضحة في بداية العقد وبداية التشاور.

نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً