الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

مع أني أملك بقالة إلا أني أشكو من قلة البركة!

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله.

أنا في حيرة من أمري، فأنا -والحمد لله- في ستر من رب العالمين، وسعيد في حياتي الزوجية، وقد رزقت بطفل، ولدي بقالة، لكن مشكلتي هي قلة البركة في عملي، فعملي متحرك، لكن مشكلتي أن الديون تراكمت علي، مع أن مصاريفي وتكاليفي قليلة، وأنا الآن في سنتي الثالثة، ازداد همي، وضاقت علي عيشتي، فهل لكم أن تفتوني في أمري؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبدالكريم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ولدنا الحبيب - في استشارات إسلام ويب. نسأل الله تعالى أن يجعل لك من كلِّ همٍّ فرجًا ومن كل ضيقٍ مخرجًا، وأن ييسّر لك الرزق الحلال الواسع.

ونصيحتنا لك - أيها الحبيب - تتمثّل في أمور:

أولاً: نوصيك بتقوى الله تبارك وتعالى؛ فهي سببٌ لكل رزق حسن، وتفريج كل كربة، فقد وعد الله سبحانه وتعالى بذلك في كتابه فقال: {ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب}، والتقوى تعني: أن تجعل بينك وبين عذاب الله تعالى وقاية وحجابًا، وذلك بأن تمتثل أمره وتؤدي فرضه، وأن تمتنع عمَّا حرمه الله تعالى عليك.

ثانيًا: نوصيك بكثرة الاستغفار على وجه الخصوص، وهو سبب لفتح أبواب الأرزاق، وقد قال الله في كتابه على لسان نبي الله نوح: {فقلتُ استغفروا ربكم إنه كان غفّارًا * يُرسل السماء عليكم مدرارًا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارًا}.

كما نوصيك (ثالثًا) - أيها الحبيب - بالإكثار من ذكر الله تعالى عمومًا، وخاصّةً الأدعية التي فيها طلب الرزق الحسن من الله سبحانه، فقد كان من الأدعية التي علّمها النبي -صلى الله عله وسلم- لبعض زوجاته، وكان يفعلها هو عليه الصلاة والسلام، أنه كان يقول إذا أصبح: (اللهم إني أسألُك علمًا نافعًا، ورزقًا طيبًا، وعملاً متقبّلاً).

وأكثر من الصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- للصحابي حين علّمه أن يُكثر من الصلاة عليه، قال: (إذًا تُكفى همَّك، ويُغفر لك ذنبُك)، فالصلاة على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، والإكثار منها، يجعلها الله تعالى سببًا لتفريج الهموم وطرد الغموم.

وبجانب هذه الوصايا التعبُّديَّة، نوصيك أيضًا بحسن التدبير في شؤونك الدنيوية، وذلك من خلال أمور:

أولاً: حُسن التدبير في النفقة، بحيث تُنفق ما تحتاج إليه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ما عال من اقتصد)، وقال: (التؤدة والاقتصاد والسمت الحسن جزءٌ من أربعةِ وعشرين جزءًا من النبوة)، وقال في دعائه: (وأسألك القصد في الفقر والغنى).

ثانيًا: نوصيك بالجد والاجتهاد في عملك، فإن الله تعالى بنى هذا الكون على قانون الأسباب، فجدّ في عملك واجتهد، وكما يقول الناس في كلامهم الدّارج: (لكل مجتهدٍ نصيب).

ثالثًا: نوصيك بالنظر في مجال تخصصك وتجارتك، فاستعن بالله وشاور العقلاء والمخلصين من الناصحين في بيئتك عن المجالات التي فيها رزقٌ حسن، ويمكنك من خلالها أن تنمّي تجارتك، فقد يكون في تغيير نشاطك شيءٌ من ذلك.

فإذا أحكمت هذه الأسباب الدنيوية، مع أخذك بالنصائح الإيمانية السابقة، فلم يبق إلَّا أن ترضى بتقدير الله سبحانه وتعالى لك، فالله تعالى لطيفٌ بعباده، وهو يُقدّر لهم الخير، ويكتب لهم ما فيه صلاحهم وإن كانوا يكرهون ذلك، وقد قال سبحانه وتعالى: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خيرٌ لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شرٌ لكم}، نسأل الله سبحانه وتعالى أن ييسّر لك الخير، ويوسّع لك الأرزاق.

وما ذكرتَ - أيها الحبيب - في شأن زواجك، وأنك سعيد في حياتك الزوجية؛ فهذا كلُّه من فضل الله سبحانه وتعالى عليك، فإذا أخذ منك شيئًا فإنه يُعطيك أشياء، فاشكرْ نعمة الله تعالى عليك، وحافظ عليها بالمداومة على مراقبة نفسك بأداء ما فرضه الله تعالى عليك، واجتناب ما حرَّم؛ فشُكر الله تعالى سببٌ للمزيد، كما قال سبحانه وتعالى: {وإذْ تأذَّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد}.

نسأل الله سبحانه وتعالى لك الخيرات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً