الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تقدم لي خاطب مناسب ولكن وزنه زائد، فهل أرده لأجل ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تقدم لي رجل على قدرٍ من الدين والخُلق والحياء، جسلت معه فأعجبتني آراؤه، وتفكيره؛ ولكن بقي جانب يؤرقني، وهو أن وزنه زائد، كما أني لم أكره ملامحه ولم أُعجب بها.

قد يكون هذا سبباً لا يستحق التردد والحيرة، ولكنني أعلم أني أُفتن بالرجل سليم البنية، لطيف الملامح، حتى أني حين أخرج من بيتي ويقع بصري على أحد منهم، أغض بصري وأستغفر الله في نفسي، وأدعو الله أن يرزقني بزوج صالحٍ أُعان به على العفّة، وغض البصر.

فهل يجوز لي رفضه إن خفت الفتنة في ديني؟ وهل بذلك أخالف قول رسولنا -صلى الله عليه وسلم-: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه)؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فمرحبًا بك -ابنتنا العزيزة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله تعالى أن يختار لك الخير، ويُقدّره لك حيث كان، ويُرضّيك به.

ونصيحتنا لك -ابنتنا العزيزة-: أن تستخيري الله سبحانه وتعالى، وتسأليه أن يختار لك الخير، وتُشاوري العقلاء من أهلك في هذا الرجل المتقدّم لك، وبعد المشاورة والاستخارة تنظرين ما الذي يشرح الله تعالى صدرك له وتفعلينه، هذا من حيث النُّصح، ولا يجب عليك أن تقبلي بهذا الرجل، لا سيِّما -وخصوصًا- إذا كنت لا ترغبين به، والخطاب في الحديث الذي ذكرته في سؤالك في قوله صلى الله عليه وسلم: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخُلقه فزوجوه)، خطاب للأولياء حتى لا يكونوا سدًّا حاجزًا بين البنات وبين الزواج طلبًا لمال الخاطب، أو جاهه، أو غير ذلك من الأسباب، فيبقى الرجال والنساء بلا زواج، فيميل الرجال إلى النساء، ويقع ما يُخشى منه ويُحذر الشرع من وقوعه من أنواع البلاء والفتن.

ولكن الحديث ليس فيه إيجاب الزواج على المرأة إذا تقدّم لها شخصٌ يخطبها، فالزواج مُباح، ولا يجب إلَّا إذا احتفّت به أمورٌ خارجية تجعله واجبًا، وعليه نقول: لست آثمة إذا رفضت هذا الخاطب الذي ذكرتِ؛ لأنك لا ترغبين به أو لا تميلين إليه، ولكننا لا ننصحك بهذا الرفض ابتداءً حتى تنظري في حالك من جميع الجهات والجوانب، فإذا كانت فرص الزواج كثيرة ويغلب على ظنّك أنه سيتقدم لك مَن ترغبين به بشكل أكبر من هذا؛ فحينها إذا رفضتيه يكون تصرُّفك متماشيًا مع المصلحة وتحقيقها، وسيختلف الحال إذا كانت فرص الزواج قليلة أو نادرة، بحيث إذا ذهب هذا الخاطب لا تتوقعين أن يتقدّم لخطبتك شخصٌ ترضينه من جميع الوجوه، فالحكمة هنا تقضي ألَّا تتركي شيئًا بيدك قد يسّره الله تعالى لك وتتعلّقي بشيء موهوم.

ثم اعلمي -أيتها البنت الكريمة-: أن الأسر والبيوت لا تُبنى على الرغبات المبنية على الجمال الظاهر فقط، فهناك أمورٌ أخرى يحتاجها كلٌ من الزوجين في الآخر، وهي الجوانب المعنوية: حُسن الخُلق الذي به يتعاشر الزوجان ويتعامل الزوجان، والدّين الذي به يُحجز الزوج عن ظُلم زوجته والتقصير في حقوقها الواجبة، فليس جمال المنظر الخارجي هو كل ما تطلبه المرأة في زوجها، فلا ينبغي أبدًا أن تغفلي عن هذا الجانب، ضعيه في الحسبان، واستخيري الله سبحانه وتعالى، وشاوري من حولك من العقلاء (أهلك)، وستصلين بإذن الله تعالى إلى رأيٍ سديدٍ.

نسأل الله تعالى أن يُقدّر لك الخير حيث كان.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً