الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دراستي كلفتني الكثير وصرت عالة على البيت، ما نصيحتكم؟

السؤال

أنا في كرب معقد جداً، أريد أن أستشيركم.

دخلت الهندسة، ودخلت قسم كريديت في خطوة غير محسوبة، فأنا الآن في السنة الأخيرة، وعلي للكلية ما يقرب من (50000).

لقد صرت عالة على البيت فعلاً، وصرت أكثر إنسان يستهلك الفلوس، وعندي أخوان قاربا ال30، ولا أعرف ما ذا أعمل؟ ضاقت علي الأرض.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، ونحن سعداء بتواصلك معنا، ونسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به.

بخصوص ما تفضلت به، فدعنا أولاً نحمد الله إليك، أن رزقك عقلاً أنهيت به جامعتك أو كدت، وقد عافاك الله من الفشل الدراسي الذي مُنِي به طلاب كثر.

نحمد الله أن وهبك العقل لتفكر، وتكتب في الوقت الذي سلب فيه بعض الشباب نعمة العقل، فلا صواب يعرفه، ولا خطأ يفهمه، ويعيش في الدنيا هائماً على وجهه، مطروداً من الأبوب.

نحمد الله أن رزقك العافية في البدن، بينما غيرك من الشباب الآن من ينتظر بالساعات أمام المشستفى منتظراً غسيل كلى أو دواء من مرض يهده هداً لا طاقة له بتحمله، كما لا يقدر على ترك الدواء.

نحمد الله إليك أن زقك والداً وأسرة وإخوة في الوقت الذي ابتلى الله البعض بفقد آبائهم وأمهاتهم وهم صغار، وتحملوا والحال كذلك أسرة في رقابهم.

نحمد الله إليك، حيث رزقك عيناً تبصر هي أمل كل أعمى، وقدماً تسير عليها هي منتهى أمل كل أعرج، ولو جلسنا نعدد النعم التي أنعم الله بها عليك، ويحتاج غيرك إلى مثلها أو بعضها، لطال الحديث بنا.

الحمد لله على العافية، والشكر له على النعم، ونسأل الله الزيادة من فضله، ونحن لله شاكرون على ذلك، أملاً في زيادة نعمه علينا، كما قال جل شأنه: (لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد).

أخي الحبيب: أول الطريق للخروج مما أنت فيه هو كثرة تذكر نعم الله عليك، وعدم مقابلتها بالنسيان أو التغافل، والحديث إلى نفسك دائماً: ماذا لو سلب الله عني البصر؟ سيكون أقصى أماني أن أعود مبصراً، وربما أنسى بعد ذلك كل ما أنا فيه، هذا الحديث بهذا الفكر سيجلب لك الرضا عن الله، وهذا بدوره سيهدئ نفسك ويذهب الضيق الذي في صدرك -إن شاء الله-.

أخي الكريم: بعد أن تبدأ الطريق الصحيح، وتهدأ النفس نوصيك بما يلي:

1- ذكرت أنك عالة على والديك، نريدك من الآن الاعتماد على نفسك وتقليل نفقاتك، والاكتفاء بالحد الأدنى حتى تنتهي من دراستك.

2- اجلس مع والديك وانظر ما هي الحلول المتاحة لديهم دون أن ترهقهم مادياً أو تؤثر على مستقبل إخوانك.

3- اذهب إلى الجامعة وقابل المسؤول عن الشؤون الإدارية أو عميد الكلية، وتحدث معه بشأن المصروفات، وهل من سبيل إلى تقسيطها أو العمل بدوام جزئي في الجامعة؟

4- كثير من الشباب يعمل وهو بجوار جامعته؛ لذا لا بأس من البحث عن عمل تكتسب منه مالاً حلالاً، ولو قليلاً؛ فإن الله سيبارك لك فيه.

5- بعد الأخذ بكل الأسباب أكثر الدعاء إلى الله أن يفرج عنك وأن يبصرك بالحق، واعلم أنك متى ما صدقت نيتك مع الله، ورضيت عن الله فيما قسمه الله، وبذلت جهدك في حل مشكلتك؛ كن على يقين بأن الله سيساعدك ويعينك، ويرزقك من حيث لا تحتسب، وتذكر قول الله: (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره سيجعل الله بعد عسر يسراً).

بارك الله فيك، وأحسن الله إليك، وفرج الله همك وغمك، ويسر أمر جامعتك، وزادك من فضله، إنه جواد كريم.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً