الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من وساوس تأتي وتختفي وتتبدل في مضمونها!

السؤال

السلام عليكم

منذ سنة و٥ شهور إلى الآن وأنا أعاني من وساوس تأتي وتختفي وتتبدل في مضمونها، بدأت بوسواس الموت بعد نوبة هرع مفاجأة أصابتني وتزامنت مع توبتي، لم أكن أعلم بشيء عن نوبات الهرع، وكنت عاجزة عن استيعاب ما حصل، فأنا لم أكن أعاني من أي مشاكل نفسية، فاعتقدت أنها إشارة من الله على قرب موتي، فتبت من كل شيء، وكنت مرتاحة.

الخوف لم يفارقني، وعانيت منه جدًا، وأدخلني الشيطان في وسواس الدين، وعانيت أيضًا -والحمد لله- زال هذان الوسواسان، لكن بعدها صرت أدخل في وساوس أخرى لا علاقة لها بهذين الأمرين، شيء من وسواس الجنون، شيء من فقدان السيطرة والتصرف بشكل غريب، وأفكار أخرى تقتلني وتدمرني، لكن الغريب أنها تذهب وحدها، وعندما أتذكرها أخاف أن تسيطر علي مرة أخرى.

أيضًا منذ ٦ شهور -أو أكثر- أعاني من آلام شديدة بالصدر والكتف والظهر والرقبة، وضيق التنفس، مؤخرًا تمركز الوجع في منطقة أسفل الثدي مباشرة، أي أعلى البطن، وأخاف أن يرجعني هذا في دوامة وسواس الموت؛ كل هذا أثر على دراستي بعد أن كنت متفوقة وشغوفة.

شكرًا لكم، وأرجو الرد.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ومن خلال استشارتك السابقة قام الأخ الدكتور مأمون مبيض بتوجيه الإرشاد النفسي اللازم لها، والذي أتمنى أن تكوني قد أخذت به؛ لأن ذلك سوف يساعدك كثيراً في التغلب على حالة عصاب الوساوس والمخاوف التي تعانين منها، أنا أقول لك: إن المخرج في مثل حالتك هذه هو العلاج، والعلاج بالجوانب السلوكية كما أشار الدكتور لها، وهنالك أيضاً الجانب العلاجي الدوائي.

أرجو أن لا تنزعجي، الوساوس من طبيعتها أنها قد تأتي في شكل موجات تنخفض وترتفع، تتبدل وتتغير في محتواها، وفي شدتها، وفي حدتها، هكذا هي طبيعة الوساوس، وكذلك المخاوف لدى بعض الناس، إذاً هي دينامك -كما يقولون- وليست جامدة (استاتيك) كما تكون هنالك بعض الحالات من غير الوساوس والمخاوف.

فيا أيتها الفاضلة الكريمة: عليك أن تطبقي مبادئ تحقير الوسواس، صرف الانتباه تماماً عن الوسواس، وربط الوسواس بما هو مخالف له، وأن تتخلصي تماماً من الفراغ، أن تكون لك خطط وأهداف وآمال وطموحات في الحياة، فأنت الحمد لله متفوقة، وشغوفة، ويجب أن تكوني هكذا دائماً.

بالنسبة للآلام الجسدية التي ذكرتها، آلام الصدر والكتف والرقبة المصحوبة بضيق التنفس؛ هذه غالباً ناتجة من القلق والتوتر النفسي المصاحب للمخاوف والوساوس؛ لأن التوتر النفسي يتحول كثيراً إلى توتر عضلي يؤثر على القفص الصدري وبعض أعضاء الجسم الأخرى، ويظهر في شكل آلام ووخز وانشدادات عضلية.

حتى تطمئني -أيتها الفاضلة الكريمة- أرجو أن تذهبي إلى طبيبة الأسرة مثلاً، وتجري بعض الفحوصات العامة، وتطمئني على صحتك الجسدية، أنا أثق تماماً أن الأمر نفسي، لكن سيكون من الجيد أن تتأكدي وتطمئني من خلال الفحص الطبي، وبعد ذلك أود أن اقترح عليك أن تتناولي أحد الأدوية المضادة لقلق المخاوف والوساوس.

الدواء الأفضل هو العقار الذي يعرف باسم استالبرام، هذا هو اسمه العلمي، وله مسميات تجارية كثيرة أشهرها المسمى التجاري سيبرالكس، ابدئي في تناول الدواء بجرعة نصف حبة من الحبة التي تحتوي على 10 ملجم، هذه هي جرعة البداية، واستمري عليها لمدة 10 أيام، بعد ذلك اجعلي الجرعة 10 ملجم يومياً لمدة شهر، ثم ارفعيها إلى 20 ملجم يومياً لمدة شهرين، ثم اجعليها 10 ملجم لمدة شهرين آخرين، ثم 5 ملجم يومياً لمدة شهر، ثم 5 ملجم يومًا بعد يوم لمدة أسبوعين، ثم توقفي عن تناول الدواء؛ هذا دواء فاعل وسليم وغير إدماني، ولا يؤثر على الهرمونات النسائية أبداً، أحد آثاره الجانبية البسيطة التي قد تحدث لبعض الناس هو أنه قد يفتح الشهية نحو الطعام قليلاً.

إذاً هذا هو الذي أنصحك به، وأنا متأكد أنك باتباعك لهذا المنهج (منهج تحقير وطرد المخاوف والوساوس، وتناول الدواء الموصوف، والفحص عند طبيبة الأسرة) سوف تجدين نفسك -إن شاء الله تعالى- تتمتعين بصحة نفسية وجسدية ممتازة جداً.

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً