الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشعر بأن من حولي يحسدنني لامتيازات متوهمة، فأرشدوني

السؤال

السلام عليكم.

أنا عمري ٢٣ سنة، أم لثلاثة أطفال، خرجت من المدرسة من الصف الحادي عشر ولم أكمل تعليمي، ولكن بفضل الله رزقني الله الفراسة والذكاء الاجتماعي، وأستطيع الاختلاط، ولكن أمر الآن بفترةٍ عصيبة جداً مع نفسي بالرغم من أنني أقوم بأعمال منزلي إلى أن تغرب عليّ الشمس وأنا لم أنتهِ.

وأيضاً أشعر أنني مقصرة إلى أبعد حدٍ مع أطفالي، مع أنني أطهو لهم الطعام إلا أنهم نحفاء، فأشعر أنني أم فاشلة، وزوجة فاشلة، وابنة فاشلة، وعبدة فاشلة، فبعد أن تذوقت حلاوة الخشوع في الصلاة، ولذة قراءة القرآن، وراحة القيام بالورد اليومي إلا أنني أشعر أنها ثقيلة فأؤخرها.

وأيضاً أنا أحب الله جداً، وأريد أن أكون ملتزمةً، فأنا ملتزمة في لباسي، ولكني أشعر أنني منافقة أو شيئاً من هذا القبيل؛ لأن ظاهري متدين وقلبي والله متدين ولكن أشعر بالعجز فلا أقرأ الأذكار، ولا أصلي السنن، وأشعر أن جميع من حولي ينظرون إليّ نظرة تنمر، وكلامهم فيه تنمر علي، مع أنه لا يوجد داع للسخرية، وتؤلمني نظراتهم فأحاول الاعتزال، ولكنهم حولي يأتونني في كل الأوقات، ويثبطونني إذا شعروا أني نشيطة ولدي طاقة، ويخبرونني بتعبهم وسوء نفسياتهم، وأن دورهن مليئة بالأشغال، بالرغم من أنهن منتهيات من أشغالهن.

أشعر أن سلافاتي وجاراتي يغرن مني جداً؛ لأني أقود السيارة، وأخرج أحياناً لأحضر احتياجات المنزل، بالرغم من أن هذه الأمور مسؤولية ومتعبة، إلا أن المحروم منها يراها رائعة وممتعة، لا أريد أن أظن، ولكني أرى الحسد في عيونهن! ونصائحهن أراها مليئة بالغيرة والحقد.

أريد منكم النصيحة، كيف أقوي شخصيتي للتغلب على كل هذا؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم عبد الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُعينك على القيام بواجباتك، وأن يُصلح لنا ولك النية والذرية.

لا يخفى عليك أن كل نجاح في هذه الحياة يجلب لصاحبه الأتعاب، ولكن عليك أن تستعيني بالله وتتوكلي عليه، واعلمي أن خدمتك لأطفالك وقيامك بواجباتك يعدل أعظم العبادات والمهام بعد الفرائض، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لخطيبة النساء أسماء بنت يزيد: (‌حُسْنَ ‌تَبَعُّلِ إِحْدَاكُنَّ لِزَوْجِهَا، وَطَلَبَهَا مَرْضَاتِهِ، وَاتِّبَاعَهَا مُوَافَقَتَهُ تَعْدِلُ ذَلِكَ كُلَّهُ)، يعني: يعدل الجهاد والاستشهاد والجُمع والجماعات وغيرها.

فحافظي على الفرائض التي فرضها الله تبارك وتعالى، واجتهدي في ذكر الله، واشغلي لسانك وأنت تعملي في بيتك بالأذكار، والصلاة على النبي المختار، وكثرة الاستغفار، واعلمي أن خدمتك لأطفالك فيها الخير الكثير، وهذا أمرٌ نريدُ أن نصحّح فيه المفاهيم، أن كثيرًا من بناتنا كانت تشتغل بكتاب الله وبقيام الليل بعد أن يأتي الأطفال تعجز عن بعض ذلك، ثم تظنّ أنها تراجعت، والإمام أحمد يُشير إلى أن استجابتها لأنين طفلٍ لتُرضعه أو لتغطيه من البرد، أو لتكون إلى جواره؛ يَعْدلُ عبادة العُبّاد.

فأنت في خيرٍ كثير، ولا تلتفتي لنظر الناس، واشتغلي بما يُرضي الله تبارك وتعالى، وعاملي الناس بالطريقة التي تُرضي الله تبارك وتعالى، ولا تعاملي ولا تردي السيئة بمثلها، ولكن كما قال الله: {بالتي هي أحسن}، ولا تقارني نفسك بالأخريات، وليس من الضروري أن تُظهري لهنَّ ما عندك من النعم، فإن صاحب النعمة محسود، واعلمي أن الإنسان ينبغي أن يتعرَّف على النعم التي يتقلّبُ فيها، وسعيدٌ والله من شغله عيبه عن عيوب الناس، من اشتغل بما يعنيه؛ لأن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.

واعلمي أن الإنسان لن يجد الناس في الحياة كما يُريد، ولذلك المؤمنة التي تُخالط الناس وتصبر على أذاهم خيرٌ من التي لا تُخالط ولا تصبر، فاقبلي من الناس إحسانهم، وتجاوزي عن إساءاتهم، واعلمي أنك ستقابلين الله وحدك، {وكلهم آتيه يوم القيامة فردًا}، فاعملي بما يُنجيك عند الله -تبارك وتعالى-، ولا تُسيئي الظنّ بأحد، واعلمي أن مَن يُريد الشر عليه أن يتذكّر أن الله يقول: {ولا يحيق المكر السيئ إلَّا بأهله}.

فنسأل الله أن يُعينك على الخير، وأن يُعرّفك النعم التي تتقلبين فيها لتقومي بشكرها، وننصحك بترتيب أعمالك داخل البيت، وأيضًا الاهتمام بالفرائض وأداء الصلوات في وقتها، وكذلك أيضًا الاهتمام بأن يكون لك ورد من الأذكار، والحمد لله الإنسان يستطيع أن يذكر الله في سائر أحواله، حتى وهي تعمل في مطبخها، وهي تعمل في بيتها تستطيع المرأة أن تشغل لسانها بذكر الله تبارك وتعالى.

لا تغتمّي ولا تهتمِّي لنظرات الناس أو للكلمات التي تسمعينها منهم، وتعوذي بالله من شيطانٍ همُّه أن يُحزن أهل الإيمان. نسأل الله أن يُعينك، ونحن سعداء بهذه النجاحات وبهذا الحرص على الخير، واحمدي الله -تبارك وتعالى- الذي رزقك بأطفال، واجتهدي في حُسن رعايتهم، ولا تهتمّي بنظر الناس إليهم وبكونهم ضعافًا، فالمهم أن يكون الإيمان قويًّا، أن يتربّوا على حب الله وحب رسوله -صلى الله عليه وسلم-، أن يتربوا تربية إيمانية، حافظي على ما أنت عليه من ستر وحرص على الخير، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد.

والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً