الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أرغب في السفر للعمل وأنا الذكر الوحيد لوالدي!

السؤال

عرض علي عمل في السعودية وعمل في اليمن، وميزات العمل في السعودية كثيرة ومفيدة لي أكثر من العمل في اليمن، ولكن مشكلتي أنني الوحيد من الذكور لوالدي، ولدي ثلاث أخوات يعشن مع والدي وفي خدمتهما، وهما يعارضان العمل بعيداً عن اليمن، لكن رغبتي في الخروج من اليمن كبيرة جداً، وخاصة أنني عرض علي العمل في بلاد أحبها كثيراً وأنا الآن أعيش في حيرة من أمري، أرشدوني لما يمكن أن أفعله، خاصة أنني منزعج من الأوضاع كاملة في اليمن، أفيدونا جزاكم الله خير الجزاء، فهل أذهب إلى السعودية أم أبقى هنا في اليمن؟ ولكم جزيل الشكر.


الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد يحيى حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فنسأل الله العظيم أن يسهل أمرك وأن يغفر ذنبك.

فإنه ما من مسلم إلا وهو يتطلع إلى الذهاب إلى أرض الحرمين؛ فإنها مهوى القلوب، وقد أحسن شاعر الإسلام في قوله:

أشواقنا صوب الحجاز تطلعت كحنين مغترب إلى الأوطان
إن الطيور وإن قصصت جناحها تهفو بفطرتها إلى الطيران

وليت كل مسلم يستحضر معاني التقرب لله ويرغب في الأجور المضاعفة عند ذهابه إلى أرض الحجاز، وألا يكون همّه الدرهم والدينار.

وإذا كان الوالدان كبيرين وهما بحاجة إليك فلا تبتعد عنهما إلا إذا قبلا بذلك ورضيا به، فإن طاعتهما ورضاهما من رضا الله، وهما أبواب إلى الجنة، ولن يعرف الإنسان أهمية وجود الولد إلى جوار والديه إلا عندما يصبح والداً، ولذلك امتن الله على بعض المشركين العتاة بأنه سبحانه رزقه بعدد من الأبناء شهوداً عنده لم تضطرهم ظروف الحياة أن يبتعدوا عنه، فقال سبحانه: (( ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا * وَجَعَلْتُ لَهُ مَالًا مَمْدُودًا * وَبَنِينَ شُهُودًا ))[المدثر:11-13].

والآيات تتكلم عن الوليد بن المغيرة الذي كان له عشرة من الأولاد، وكان إذا ذهب إلى أندية قريش أجلس خمسة منهم عن يمينه وخمسة عن يساره، لكنه جحد نعمة الله ولم يصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فباء بالخذلان والعياذ بالله.

وإذا كان الوالدان قويين وكان عندك من الأعمام والأخوال من يستطيع أن يخدمهم إذا احتاجوا لشيء، وتمكنت من إرضائهم؛ فلا مانع من السفر ولو لفترة وجيزة ثم تعود عند اشتداد الحاجة إلى وجودك إلى جوارهم، مع ضرورة أن تهتم بالسؤال عن أحوالهم وتوفير ما يحتاجانه.

وإذا قدمت رضا والديك واحتسبت الأجر عند ربك فلن يضيع الله الرحيم من يحسن إلى والديه، بل إن الإحسان إلى الوالدين والسعي في رضاهما مما يجلب سعة الرزق والنجاح في الحياة، وهذا مجرب ومشهور، ويدل عليه قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من سره أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه)، وأولى الناس بالصلة هما الوالدان، فاحرص على طاعتها والسعي في رضاهما.

ونسأل الله أن يسعدك ببرهما، وأن يلهمك رشدك ويعيذك من شر نفسك، وأن يصلح الأحوال ويبارك في الأعمال.

والله ولي التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً