الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حق الزوج في منع زوجته من العمل

السؤال

لقد خطبت امرأة كانت تعمل في مجال التدريس، وطلبت منها ترك العمل بعد الزواج، إلا أنها أصرت على الاستمرار في العمل، وكان أبوها قد أبلغني على انفراد بأن ابنته ستترك العمل إذا ما أنجبت، واقتنعت بكلامه على اعتبار أنه تحدث إلى ابنته بالموضوع واتفق معها على ذلك، إلا أننا وبعد الزواج والإنجاب بحمد الله، لم ترض زوجتي بإنهاء عملها، مدعية أنها لا تعرف ما وعدني به أبوها، مبدية استغرابها من رأيه.

ولا زالت زوجتي تعمل حتى الآن، وهي تقول إنها لا تستطيع التنازل عن عملها، وأن حياتها وكيانها مرتبطان بالعمل. وأنها لم تدرس سابقاً إلا لتعمل.

أشير إلى أنني لا أطلب منها أي عائد مادي، ولها حساب مصرفي خاص بها، إلا أنها اشتركت معي في تسديد ثمن سيارة اقتنيتها، كما أنها أنفقت بعض مالها في شراء مكيف للبيت، وهي تجمع مالها، قائلة إنها ستشاركني يوماً ما في دفع تكاليف شراء قطعة أرض إذا ما احتجت إليها، مشترطة تسجيل الأرض باسمي وباسمها معا.

- أنا محتار في أمر هذه الزوجة، فهل يحق لي منعها من العمل؟
- هل يحق لها اعتبار عملها أمراً أساسيا في حياتها؟
- هل يحق لي اعتبار اشتراطها تسجيل الأرض باسمها - إن تم شراؤها أصلا- إهانة لي ومنا علي بمالها؟ أو إغراء لي بجدوى عملها؟
انصحوني، رحمكم الله ورعاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وافي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يصلح لك أهلك، وأن يصلح ما بينكما، وأن يرزقها حب طاعتك، وأن يرزقك الصبر عليها.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومع الأسف الشديد، ما صدر من زوجتك من حرصها على العمل وتمسكها به، ليس هو موقفها وحدها، بل إنه موقف السواد الأعظم من النساء، حيث إنه تم ربط التعليم بالوظيفة والراتب، ولم يعد العلم للعلم، كما كان آنفاً، زوجتك مثل غيرها من كثير من النساء، وموقفها ليس محدثاً ولا مبتدعاً، وإنما هو نتاج طبيعي للعملية التعليمية السائدة مع الأسف في العالم العربي.

لذا أرى أن الأمر يحتاج منك إلى شيء من الحكمة وبعد النظر؛ لأن العلاج الآن مكلف وعسير، وعليه فإذا كانت المرأة تؤدي حقها نحوك ونحو أولادك وبيتها بصورة مرضية، وليس لديها من التقصير ما تلام عليه، فأرى أن تتفاهم معها حول هذا الأمر بهدوء، خاصة وأنها تقف معك في بعض الأمور المالية، وأنك لم تشترط عليها ترك العمل قبل الزواج، بدليل أنها تنكر ما حدث من والدها لك.

فحتى لا تفقد الزوجة وتضيع الأسرة، أرى أن تتفاهما، ولو بأن تحددا معاً مدة زمنية معينة، تتوقف بعدها عن العمل، شريطة أن يكون دخلك كافياً للقيام بمتطلبات الأسرة، ولك أن تقترح عليها أن تأخذ إجازة بدون راتب، كمرحلة أولى لمدة عام واحد، وخلال هذه الفترة تكون قد أقنعتها، أو على الأقل غيرت فكرتها أو بعضها عن العمل، وبينت لها رغبتك في تركه، واستعدادك لتعويضها، وعدم التقصير في شئون الأسرة، وهذا حل معقول إن قبلت به، وإلا فمن حقك شرعاً إجبارها على الترك؛ لأن العمل عادة ما يكون على مصلحة الأسرة والزوج، وأخشى ألا تساعدك القوانين في بلدكم على ذلك.

لذا أرى أن التفاهم هو خير علاج، مع الدعاء والتضرع إلى الله أن يشرح الله صدرها لذلك، وأما عن رغبتها في كتابة الأرض باسمك واسمها، فهذا من حقها؛ لأنها مشاركة لك في المال، وليس في ذلك أي منة، بل حتى وإن لم تطلب، فهذا حقها شرعاً وقانوناً، والتشاور والتفاهم والحوار هو أفضل طريقة لحل هذه المسألة وغيرها، وعليك بالتوسط، فإن الخير كله في الوسطية والرفق، خاصة إذا لم تكن مقصرة في حقك وحق أولادها.

مع تمنياتنا لكم بالتوفيق والسداد!

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً