الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيف أنسى العلاقة العاطفية الآثمة وأسعد مع زوجي؟

السؤال

السلام عليكم.

منذ أن كنت في سن 18 من العمر أحببت شاباً من خارج بلدي، ويختلف عن المذهب الديني الذي أنتمي إليه، وعندما تقدم لخطبتي رفضه أهلي بسبب اختلافه عن مذهبنا، كما أنهم وجدوا صعوبة في أن أبتعد عن أرض الوطن، ومررت بحالة نفسية سيئة حينها، ولكن كان لابد من أن أعيش الواقع.

كما أن الشخص الذي أحبه طلب مني أن أعيش حياتي وأتزوج، فأهلي قالوا له: لا مجال ليقبلوا، وباءت كل محاولاته بالفشل، وبعد فترة تقدم لي شخص ملتزم ذو أخلاق، وميسور الحال ومن نفس قريتي، وبشكل عام لا يوجد سبب لأرفضه سوى أني أحب غيره، ولكن الشخص الذي أحبه أقنعني بأنه إذا وجدت بأن الشخص جيد ومناسب كزوج فلابد أن أوافق، فلا يمكنني أن أظل منتظرة لشيء لن يحدث أبداً فزواجي ممن أحب لن يحدث.

وأرادني أن أعيش الواقع وليس في الخيال، ففكرت بجدية ووافقت على الرغم من خوفي الشديد من أن أظلم هذا الشاب معي، وحدث فعلاً أن تزوجت بمن تقدم لي، ولكني الآن تعيسة وليس السبب هو، بالعكس زوجي يعاملني باحترام ويقدرني ويعمل كل ما بوسعه كي يسعدني، ولكن الخلل في أنا، فدائماً أفكر بالشخص الذي أحببته سابقاً، وأشعر بذنب شديد، فما ذنب زوجي أني أحببت قبله شخصاً وأفكر فيه دوماً؟! أحاول أن أشغل نفسي بأي شيء ولكن لابد من تذكر حبي الأول بين فترة وأخرى.

فأحياناً أرى المكان الذي التقينا فيه للمرة الأولى، وأحياناً أخرى أسمع منادياً باسمه، وأحياناً ثالثة أتذكر ذكرياتنا معاً وأحلامنا، لا أعرف كيف يمكنني تجاوز ذلك؟!

علماً بأنني فتاة محافظة وملتزمة دينياً وأخاف الله، وهذا أكثر ما يقلقني، ولكني أشعر بأنه لابد لي بتفكيري بمن أحببته سابقاً، أحاول جاهدة أن أشغل نفسي ولكن الأفكار تراودني دوماً، كما أنه من الطبيعي أن أتذكر من كنا سعيدين معهم يوماً، والنسيان بشكل تام أمر مستحيل.

أتمنى أن ترشدوني وادعوا لي بالهداية ولمن أحببته ولزوجي كذلك.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فتعوذي بالله من الشيطان الذي لا همّ له إلا إدخال الحزن على أهل الإيمان، واحمدي الله الذي خلصك من تلك العلاقة التي كانت من وراء الأهل والإخوان، ولم يكن فيها إرضاء للرحيم الرحمن، وحاولي التخلص من كل ما يذكرك بأيام الغفلات والخذلان، وجددي التوبة في كل حين وأوان، فإنها فرض في كل زمان، وعمري قلبك بحب المنان، وأحسني لزوجك الذي اختارك من بين بنات الأهل والجيران، واحمدي الله الذي رزقك برجل جمع بين الدنيا والإيمان، وقد أحسن من قال:

ما أحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا *** وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل

وقد أحسن أهلك برفضهم لمن يخالفك المذهب، فإن ذلك لا يجلب الوفاق، كما أن رفضهم لسفرك وبعدك عنهم دليل على حبهم لك، فاحملي تصرفهم على أحسن الوجوه، والتمسي لهم الأعذار، واعلمي أنه لا خير في علاقة نشأت وتطورت دون علم الأهل وتحت مرأى وسمع الجيران، حتى تتمكني من التفريق بين أهل العفة وهواة العصيان.

ولا يخفى عليك أن علاقتك بالشاب الأول كانت علاقة آثمة، ويكفي ذلك الرجل سوءاً أنه رضي أن يعيش معك عاطفياً في الخفاء، ولست أدري كيف تثق الفتاة بمن لا يراعي حدود الله، وكيف يثق الفتى في فتاة رضيت أن تمنحه عواطفها دون علم أهلها؟!

وأرجو أن يعلم الشباب أن العلاقات العاطفية قبل الزواج والرباط الشرعي من أهم أسباب المشاكل الزوجية؛ لأن الشيطان الذي زيَّن المنكر بالأمس سوف يأتي اليوم ليزرع الشكوك القاتلة بين الرجل وزوجته، حتى تكون النتيجة الشقاق ثم الطلاق.

وقد صدقت عندما قلت: (لن أستطيع أن أنتظر المجهول) وقد نصحك الشاب بالزواج بالرجل المناسب، وقد صدق، ونحن نتمنى طي تلك الصفحات والتوجه إلى من يغفر الزلات ويعين على الطاعات.

ونسأل الله لك التوفيق والسداد، ونعتذر عن القسوة في الرد؛ فإننا لا نريد إلا الخير، ومرحباً بك في موقعك بين آبائك والأخوات.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً