الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الاهتمام بالحياة الزوجية في كافة النواحي

السؤال

أريد حلاً للمشكلة بين الزوج والزوجة من الناحية الشرعية والعلمية والاجتماعية والنفسية والطبية والدينية؟



الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رهف حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

شكراً لابنتنا على تواصلها مع الموقع، ونسأل الله أن يرزقها العلم النافع والعمل الصالح، وأن يوفقها إلى التشبه بأمهات المؤمنين وسلفنا الصالح، وكم كنت أتمنى أن يصلنا سؤالها قبل وقت كافٍ؛ لأن استفسارها كان قبل يوم واحد من موعد تسليم البحث المذكور أعلاه.

أرجو أن تعلمي أن ديننا العظيم ما ترك خيراً إلا ودلنا عليه، ولا ترك شراً إلا وحذرنا منه، كما أن شريعتنا حفظت الحقوق وأسست البيوت على الرضى والقبول والاهتمام بالدين والآداب والأصول، وأسوتنا في كل ذلك سيدنا الرسول.

لا يخفى على كل أمثالك أن المسلم يرضى بقضاء الله وقدره، ويعامل الآخرين بمثل ما يحب أن يعاملوه، فهو يحب لإخوانه ما يحبه لنفسه، ويكره لهم ما يكرهه لنفسه، والعلاقة بين الزوجين هي أوثق العلاقات الإنسانية لأنها ارتباط بالأرواح وتواصل بالأجساد، واتفاق على إنجاب الأولاد من أجل عمارة البلاد وتكثير سواد الراكعين العبّاد.

إذا كان اللقاء على الإيمان والاحتكام للسنة والقرآن فلا خوف على الزوجين من مصائد الشيطان، وما صلحت البيوت بمثل التعاون على طاعة الرحمن، ثم بتذكر الإيجابيات وستر الخلل والنقصان.

كما تمنينا أن نتذكر الفضل والإحسان قبل الحديث عن الحقوق والواجبات، وحبذا لو أدى كل طرفٍ واجبه ونسأل الله الذي له.

وقد راعى النبي صلى الله عليه وسلم مشاعر أزواجه واحتمل منهن وأعلن ذلك للرجال والنساء فقال عليه صلاة الله وسلامه: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وحرض النساء على الإحسان للأزواج حتى قال: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) و(قال للصحابية: أذات زوج أنتِ؟ قالت: نعم، فقال: كيف أنتِ له؟ فقالت: لا آلوه إلا ما عجزت عنه، فقال عليه صلاة الله وسلامه فإنما هو جنتك ونارك).

الحياة الزوجية الناجحة تقوم على التسامح والمودة والرحمة والتنازلات في جانب الأمور الدنيوية وقد ترجم ذلك ابن عباس رضي الله عنه فقال: (أني لا أحب أن استقصي حقي من زوجتي حتى لا تطالبني بكل حقوقها) فالحياة الزوجية عطاء قبل الأخذ، واحتمال للأذى، وصبر على الجفاء، وتذكري بمن يعلم السر وأخفى.

وقد قسم العلماء الحقوق والواجبات إلى ثلاثة أقسام:

1- حقوق مشتركة.

2- حقوق للزوجة.

3- وحقوق للزوج.

ونحن نفضل زيادة مساحة الحقوق المشتركة وهل جزاء الإحسان الإحسان، ولا شك أن حسن العشرة وحفظ الأسرار وطلب العفاف والتزين والرضى بالقضاء والقدرة والشورى، والتناصح والتعاون على البر والتقوى، والواقعية وعدم طلب المثالية مما يطالب به كل واحد من الزوجين، بالإضافة إلى الاحترام المتبادل للأهل، وعلى الزوج أن يعطي زوجته مهرها، وينفق عليها حسب استطاعته، ويطعمها مما يطعم ويكسوها مما يلبس، ولا يضربها ولا يقبح ولا يهجرها ولا يلحق بها الضرر والأذى إلى غير لك من الحقوق، وعلى الزوجة أن تطيع زوجها فهو القيم عليها، ولن تنال رضى الله إلا إذا أطاعت زوجها في الخير؛ لأن ذلك مما أمر به الله، فلا مخرج إلا بإذنه، ولا تصوم تطوعاً إلا بإذنه، ولا تمتنع عن فراشه، وأن تقوم بخدمته حسب ظرفها وأعراف بلدها وزمانها، وأن تحفظه في ولده وفراشه فلا تدخل من يكره إلى بيته وتشكر له معروفه.

أما بالنسبة للناحية العلمية فعلى الزوج أن يعلم زوجته وأن يتيح فرصة طلب العلم الشرعي أو يجلب لها من تعلها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته، ودرج عل ذلك سلف الأمة الأبرار مع بناتهم وزوجاتهم.

وعليه أن يهتم بتواصلها الاجتماعي مع أهلها وأرحامها، كما ينبغي أن تبادله الاهتمام بالأهل، والترابط الاجتماعي والتواصل بين الناس من أهداف الزواج السامية، ومن لطف الله بالناس ما جعله بينهم من ترابط وتراحم ومصاهرة وأنساب.

وإذا كانت الحياة الزوجية ميثاقاً غليظاً ورباطاً روحياً ونفسياً واجتماعياً فلابد من الاهتمام بالنواحي النفسية، والحياة الزوجية الناجحة تتلاقى فيها الأرواح قبل الأجساد، والأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف، وقد اهتم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فكان يعلم رضى عائشة من سخطها، وكان يدخل السرور على أهله، ويمسح الدمعة، ويشارك في المهنة، ويشارك في المعنويات فرحاً وترحاً، ولما استلمت عائشة فقالت وارأساه، قال عليه الصلاة والسلام: بل وارأساه أنا وهذا الاتحاد للمشاعر من آخر ما يتداوله علم النفس بعد ما يزيد عن أربعة عشر قرناً من بعثة الهدى عليه صلاة الله وسلامه.

أما الاهتمام بالنواحي الطبية فأمره معروف ولا يمكن أن تتحقق السعادة إذا لم يوحد الاهتمام بصحة وعافية الشريك، كما أن شعور المريض باهتمام أحب الناس إليه من الأمور التي تعجل بلوغ العافية بحول وقوة من يملك الهداية والعافية.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً