الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

كيفية التخلص من الآفات المحبطة للعمل

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أشكر لكم نصائحكم القيمة، ومساعدتكم، وأرجو أن تقبلوني معكم.

أنا فتاة ملتزمة –والحمد لله- سمعت مرةً في التلفاز أن شيخاً كان يتحدث في أمرٍ ما عن شخص ملتزم ولكنه مقصر في بعض الأحيان، وقال: إن الله تعالى فتح له باب الطاعة ولم يفتح له باب القبول. فماذا يقصد بذلك؟ هل اغترار الإنسان بنفسه وبطاعته يحرمه من الأجر؟ وكيف يحذر المسلم هذه الأمور؟

وجزاكم الله كل الخير.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الشيطان للإنسان عدو مبين، وهذا العدو لا يترك فرصة لإضلال الإنسان وإبعاده إلا سلكها، وللشيطان خطط وخطوات وخديعة وتزيين، والمؤمن العاقل يستعيذ بالله العظيم من الشيطان الحقير الرجيم، وإذا عجز الشيطان عن منع الإنسان عن الطاعة فقد يدفعه لعملها وينشطه لذلك ثم يدخل عليه من باب الرياء أو العجب أو الغرور، وتشتد المعركة مع الشيطان عند الاحتضار، هناك حيث يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت، ويقول الشيطان لأجناده: إن فاتكم فلن تدركوه أبداً. ونعوذ بالله من أن يتخبطنا الشيطان عند الموت، وقد كان أبناء الإمام أحمد حوله عند الاحتضار فذكروه بكلمة التوحيد فقال لا ... فجزعوا وخافوا، فلما أفاق كلموه في ذلك فقال لهم ما قلت لا لكم، ولكن ذاك شيطان جاءني فقال فتني يا أحمد، فقلتُ لا إلا أن يتغمدني الله برحمته منه وفضل، فقلت: لا بَعْدُ. وقد فهم الإمام كيد الشيطان الذي أراد أن يموت الإمام مغروراً، وفهمها الإمام، فمن يفهمها بعده رحمه الله، والفقيه الواحد أشد على الشيطان من ألف عابد، والإنسان لا ينجو بعمله ولكن بفضل الله ورحمته.

ورغم أنه لم يتضح لي ما قاله الشيخ المذكور بالضبط، إلا أن الإنسان قد يعمل ويجتهد ولكنه لا يقبل لعدم إخلاصه، أو لعجبه وغروره بعمله، فإن المرائي مشرك بالناس، والمعجب المغرور مشرك بنفسه، يدل بعمله على الله، وكلاهما مخذول مردود والعياذ بالله؛ فإن الله تعالى هو أغنى عن الشرك (ومن عمل عملاً أشرك فيه مع الله غيره تركه وشركه) كما ورد في الحديث القدسي.

فما كل من يعمل يقبل، ولذلك كان السلف يخافون رغم إحسانهم، ونحن -من غفلتنا- نأمن رغم تقصيرنا، ونسأل الله أن يلطف بنا.

والمؤمن يجمع إحساناً وخوفاً، والمنافق يجمع تقصيراً وأمناً، وقد وصف الله الأخيار أهل خشيته فقال: ((وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ))[المؤمنون:60] قالت الصديقة رضي الله عنها: (يا رسول الله! أهم الذين يصلون ويصومون ويزنون ويسرقون؟ قال لا يا ابنة الصديق، ولكنهم الذين يصلون ويصومون ويحجون ويخافون أن لا تتقبل منهم).

وقد شرع للمسلم أن يستغفر بعد كل طاعة حتى يجبر نقصها وخللها ويكسر في نفسه العجب والغرور.

ومما يُعين الإنسان على التخلص من الآفات المحبطة للأعمال ما يلي:

1- اللجوء إلى مصرف القلوب.

2- تحقيق التوحيد ومراقبة الله المجيد.

3- إدراك معاني العبودية لله، مع ضرورة أن يعلم الإنسان أنه لن يدخل الجنة بعمله.

4- محاسبة النفس قبل العمل وأثناء العمل وبعد العمل، وسؤال النفس سؤالين لماذا؟ وكيف؟ وهذا سؤال عن المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم.

5- إدراك مكائد الشيطان ومصائده.

وهذه وصيتي لك بتقوى الله، ومرحباً بك في موقعك، ونسأل الله أن يسهل أمرك وقد أسعدني سؤالك، ونسأل الله أن يصلح بالك وأن يلهمك رشدك وصوابك.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً