الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

إمكانية معالجة الاكتئاب والقلق بالغذاء والاستغناء عن الأدوية

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. من خلال اطلاعي على كثير من الاستشارات لاحظت من خلال إجاباتكم الكريمة أن سبب الاكتئاب والقلق وخلافه يعود إلى نقص إفرازات بعض النواقل العصبية مثل السيروتونين مثلاً، فنقصها يؤدي إلى الاكتئاب، ويمكن تعويض هذه المادة من خلال الأدوية النفسية.

وسؤالي هو: ألا توجد هذه المادة طبيعية في الأغذية بحيث يمكن تعويضها من خلال الطعام، والكلام ينطبق على باقي النواقل العصبية الأخرى بحيث يمكن الاستغناء عن الأدوية الكيمائية؟

لدى سؤال آخر: مضادات القلق هل هي علاج أم مسكنات وقتية بحيث إذا كانت علاجاً لهذا العارض النفسي هل يمكن عودته مرة أخرى؟ وما هو أفضل مستحضر من هذه الأدوية خاصة للذي لا يترافق معه أعراض جسدية؟

أسئلة أرجو الإجابة عليها وأن يتسع صدركم لتلقي استفسارات من يجهل أساسيات الصحة النفسية.

وفقكم الله لكل خير، وجعل ذلك في موازين حسناتكم، والسلام عليكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

النظرية الشائعة والمتداولة أن بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب والقلق مثلاً هي نتيجة لنقص في بعض النواقل العصبية وهذا النقص يؤدي إلى قلة في إفراز مادة السيروتونين.

ولكن هنالك نظريات أخرى تقول أنه ربما يوجد عدم توازن في الإفراز أو أن هذه الأطراف العصبية قد فقدت الحساسية المطلوبة؛ كأن يكون السيروتونين متوفراً وفقد حساسيته وفعاليته وإفرازه.

التجارب أثبتت أن السيروتونين في الأصل ناتج طبيعي لبعض الحمضيات الأمينية ويسمى باللغة الإنجليزية (Amino acids ) فهو ناتج طبيعي لهذه الأحماض الأمينية وهي توجد في بعض الأغذية بكميات قليلة، وأنت محتاج لها في الأصل بكميات قليلة، وأهم حمض أميني لإفراز السيروتونين يعرف بـLtriptophan وهذا هو الحمض الأميني، المهم تم استخلاص هذا الحمض الأميني وإعطاؤه لبعض المرضى وكان هذا متوفراً حتى من سنين قريبة كان يعطى باعتقاد أنه سوف يؤدي إلى إفراز مباشر في مادة السيروتونين، ولكن لم تكن النتائج جيدة، وساعد بعض المرضى في أن الاكتئاب قد اختفى لديهم ولكنه أدى إلى مشاكل وآثار جانبية، كما أن الكثير من المرضى لم يستفد منه.

إذن خلاصة هذا التعويض المباشر للسيرتونين أو للمواد التي يصنع أو يفرز أو يصنع منها السيروتونين وهي الأحماض الأمينية لا يفيد كثيراً، فيظهر أن العميلة بالتعقيد الذي لم يتضح حتى الآن أن الأدوية تقوم باستشعار الأطراف أو الموصلات العصبية بصورة خاصة جداً، وبصورة غير مباشرة ويقال أن هنالك سجنال أو إشارات معينة ترسلها هذه الأدوية بشفرات معينة إلى أطراف الأعصاب وهذا يؤدي إلى تنشيط في إفراز السيرتونين أو إلى توازنه أو إلى توازن إفرازه مع المواد الأخرى.

إذن أخي لا نستطيع أن نقول: إن الأغذية الطبيعية سوف تساعد كثيراً؛ لأن الإنسان يتناول بصورة طبيعية وتوجد فيها الأحماض الأمينية ولكن يظهر أن العملية معقدة للدرجة التي لن تفيد فيها هذه الأطعمة مباشرة، علماً بأن هنالك بعض الأعشاب مثل عشبة القديس جون وهذا حقيقة واضحة أنها تساعد في إفراز السيرتونين وهي نفسها تحتوي على كميات عالية من السيرتونين، وهي تساعد في حالات الاكتئاب البسيطة.

خلاصة الأمر أن الإنسان بالطبع يجب أن يتناول الأغذية المتوازنة ولكن هذا لا يكفي من أجل استشعار وتوازن في هذه المواد الكيميائية ولابد أن تكون هنالك مستحضرات ترسل إشارات خاصة لتحسين هذه الإفرازات وفي هذه الحالة هي الأدوية.

والشيء الآخر أخي الكريم نعرف أن هنالك بعض الناس لديهم الاستعداد لهذا الخلل البيولوجي أو سوء الإفراز وعدم تنظيمه للمواصلات العصبية، وهذا لا يتوفر لدى الآخرين، بمعنى أن الأمر فيه نوع من الاختيارية الشديدة أو الانتقائية الشديدة وهذه لم يتوصل العلم لها وربما تكون لها علاقة بالجينات.

أخي الكريم لم يمكن الاستغناء عن هذه الأدوية المستخلصة من مواد كيميائية، وكما تعرف أخي الكريم في حالة مرضى السكر على سبيل المثال، هناك من يعاني من خمول في غدة البنكرياس وهذا يعطى الأدوية والحبوب التي تقوم بتنشيط غدة البنكرياس، وهذه تؤدي إلى إفراز الأنسلين، وهنالك نوع من المرضى لا يكون لديهم خمول في غدة البنكرياس إنما هنالك تحطم كامل للخلايا التي تقوم بإفراز الأنسلين، في هذه الحالة لابد أن يعطى الأنسلين مباشرة وهذا ما نشاهده في حالات مرضى السكر الذي يصيب الأطفال.

بالنسبة للسؤال الثاني، مضادات القلق هل هي علاج أو مسكنات وقتية؟ هذا أيضاً سؤال جميل جداً.

القلق ليس بمرض واحد، كما أن الذين يعانون من القلق ليسوا بشريحة واحدة، هنالك بعض الناس لديهم النواة القلقية مرتفعة جداً بطبعهم وهنالك أنواع أخرى من الناس يصابون بالقلق في أوقات ظرفية معينة نسبة لاستعدادهم لذلك، في بعض الناس تقوم بمجرد القفل أو إغلاق المواد الكيميائية الغير راشدة وغير جيدة وتحسن من إفراز المواد الكيميائية.

إذن هذا تحسن وقتي حين توقف هذه الأدوية يرجع المريض لحالته؛ لأنه لديه الاستعداد لذلك، أما في شريحة أخرى من الناس فيكون التأثير البيولوجي لهذه الأدوية تأثير دائم خاصة إذا لجئوا إلى الوسائل العلاجية الأخرى مثل الرياضة وتمارين الاسترخاء لأن هذه أيضاً تجعل الموصلات العصبية أكثر استعداداً للتنظيم الكيميائي المطلوب.

إذن يمكن أن نقول هنالك من يشفى وهنالك من تعتبر فيه الأدوية مجرد مسكن أو شيء مؤقت لتنظيم العملية البيولوجية متى ما أوقفنا الدواء سوف ترجع الأعراض على ما كان عليه.

بالنسبة لمستحضرات القلق؛ يعتقد الآن أن الأدوية المضادة للاكتئاب هي الأفضل؛ لأن هنالك نظرية تقول: لا قلق بدون اكتئاب، ولا اكتئاب بدون قلق، وأعتقد أن الأصل البيولوجي للقلق والاكتئاب واحد، إذن نستطيع أن نقول: إن مستحضرات الاكتئاب هي الأفضل، ومنها بالطبع البروزاك ومنها السيروكسات، والسبراليكس، والزولفت، لا شك أن لديها أعراضاً ولكن ليست بالأعراض الخطيرة أو الشديدة، وأنا شخصياً أرى أن السبراليكس علاج جيد، وأعراضه قليلة، وصاحب القلق لا يحتاج أن يأخذه بجرعة كبيرة، وتعتبر جرعة 5 ملم في اليوم قد تكون كافية وفي بعض الحالات تكون 10ملم، وهنالك مجموعة أخرى من الأدوية مثل البوسبار، والفلونكسول هي أدوية جيدة جداً لعلاج القلق، وإن كانت تعالج أمراض أخرى بجرعات كبيرة ولكن حين تعطى بجرعات صغيرة هي تعالج المرض النفسي، وربما يكون البوسبار من الأدوية الممتازة جداً ولا يحمل آثاراً جانبية ولكن يعاب عليه أنه بطيء الفعالية نسبياً، ويتطلب الصبر ولابد أن تصل الجرعة 20 أو 30 ملم في اليوم حتى يحس بفائدته.

بالطبع هناك مستحضرات البنزودايزبنز، مثل الزاناكس والفاليم Valuim والأتيفان، فهذه يا أخي جيدة جداً لعلاج القلق ولكن آثارها الجانبية معروفة وهي أنها قد تؤدي إلى التعود وهذا أمر لا يرغب فيه أي إنسان.

أرجو أن أكون قد قدمت بعض الإفادة لما تريد أن تصل إليه.

وجزاك الله خيراً وبارك الله فيك، وبالله التوفيق والسداد.


مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً