الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

أشكو من خمول ونوم وكسل زائد معظم الوقت، فما علاج ذلك؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا سيدة متزوجة منذ عشرة أشهر، وحامل بالشهر الرابع، وعمري 27 سنة، مشكلتي تكمن في النوم الزائد والكسل والخمول؛ حيث إني أنام أكثر من 10 ساعات ليلاً، وأكثر من 3 ساعات نهاراً، ومعظم الوقت كسولة ولا أستطيع القيام بأعمال المنزل؛ مما أثّر على نفسيتي بشكل كبير.

علماً بأن مشكلة النوم الزائد بدأت عندي منذ 10 سنوات، عملت فحوصات للقلب والغدة الدرقية والدم، وكانت النتائج سليمة، إلا أنني أحمل جين الثلاسيميا، سمعت عن أقراص (رويال جيلي) بأنها منشط جيد، ولكن هل لها تأثير على الحمل؟ وهل هناك علاج يمكن أن يقوّي جسمي وينشطني؟

شكراً لاهتمامكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن الخمول والكسل قد يزيد لدى بعض النساء في أشهر الحمل الأولى، وكذلك في الأشهر الأخيرة، والخمول والكسل عزاه البعض إلى أنه فقط عادة مكتسبة وربما يكون ناتجاً عن أمراض منها عجز الغدة الدرقية.

لا أرى هنالك سبباً عضوياً في حالتك، فأنت والحمد لله قمت بكل الفحوصات المطلوبة وهي سليمة، وهذا أمر مطمئن جدّاً والحمد لله على ذلك، ولا أعتقد أن لديك أي إشارات أو علامات من علامات الاكتئاب النفسي، فالاكتئاب النفسي في بعض أشكاله وأنواعه - التي لا نشاهدها كثيراً – قد يؤدي أيضاً إلى شعور بالخمول والكسل وزيادة في النوم.

الذي أراه أن الأمر بالنسبة لك هو عادة مكتسبة زادت في فترة الحمل، وهذه ظاهرة بيولوجية طبيعية – كما ذكرت لك – أي في أثناء الحمل لدى بعض النساء.

هنالك مرحلة عمرية وهي مرحلة البلوغ قد يزيد النوم أيضاً لدى بعض الناس، وقد تمتد هذه الزيادة في النوم حتى بداية سن الرشد، أنا من وجهة نظري أعتقد أن الأمر قد بدأ عندك في فترة البلوغ، لأنك ذكرت أن هذا الأمر له مدة طويلة أو بدأ لديك في فترة اليفاعة، وبعد ذلك حدث نوع من التدعيم لهذا السلوك، لأنك لم تقاوميه ولم تصححيه في ذاك الوقت.

لا أعتقد أن حالتك حالة مرضية، حالتك هي سلوك مكتسب وتم نوع من التطبع عليه، وحتى الأجهزة والأعضاء الداخلية لديك تعودت وتواءمت وترتبت على هذا النسق -أي على فترات النوم الطويلة والزائدة-، إذًا نحن نواجه سلوكاً وليس مرضاً، والسلوك يمكن أن يعالج بأن يعدل، والمرض يعالج بالدواء أو بوسائل أخرى.

في حالتك أرى أنه يجب أن تكوني أكثر عزيمة وقوة في الإرادة، وأن تضعي لنفسك جدولة جديدة فيما يخص نشاطك اليومي، وفترات النوم يجب أن تُحدد.

هذا يتطلب أن تضعي برنامجاً يومياً تُحتمين على نفسك فيه الأوقات التي يجب أن تكوني فيه مستيقظة، وهذه الأوقات يجب أن تُملأ بواجبات معينة وألا تترك كفراغات زمنية، لأنها لو تركت كفراغات زمنية سوف تلجئين إلى النوم، قسمي وقت اليقظة ما بين واجباتك المنزلية وواجباتك الزوجية، والزيارات، وممارسة أي نوع من الهواية الخاصة بالنساء، قراءة القرآن، الذهاب والخروج لحضور الدروس والمحاضرات النسوية، وهكذا.

إذًا أنت محتاجة لأن تضعي برامج تملأ الفراغ، وهذا قطعاً سوف يقلص من عدد ساعات النوم، ويمكن أن يكون هذا بالتدريج، إذا كنت تنامين عشر ساعات ليلاً أقول لك اجعليها تسع ساعات لمدة أسبوعين أو ثلاثة، ثم بعد ذلك قلصيها إلى ثمان ساعات، وهكذا نستطيع أن نقول إنه نوم طبيعي، ويجب أن تكوني صارمة جدّاً مع نفسك في النوم النهاري، تقولين: (هذا نوم ليس صحياً وربما يكون ليس شرعياً أيضاً)؛ لأن القيلولة الشرعية لا تزيد عن نصف ساعة أو خمس وأربعين دقيقة، فإذًا الأمر كله يتطلب منك إعادة نظر، وإدارة الوقت والزمن، وملء الفراغ بصورة صحيحة.

أنصحك أيضاً بأن تتناولي كوباً من القهوة المركزة في الصباح مثلاً، وكوباً آخر عند المغرب، هذا لا شك وُجد أنه يزيد من مقدرة الإنسان على اليقظة.

ممارسة التمارين الرياضية –أي تمارين رياضية كالمشي مثلاً في فترة الحمل– سوف تكون في رأيي مفيدة جدّاً بالنسبة لك.

ولا أنصحك باستعمال أي أدوية لأنك لا تعانين من مرض، وأعرف أن هناك حالة مرضية تسمى (ناركوليبسي Narcolepsy) وهي نوبات النوم المتكررة والتي لا يمكن مقاومتها، في هذه الحالة ننصح بإعطاء بعض الأدوية من فصيلة (الأمفاتمينات)، وهذه أيضاً لها مشاكلها، لكن عموماً حالتك لا ينطبق عليها هذا التشخيص، وفي نفس الوقت لا أنصح عموماً باستعمال الأدوية في هذه المرحلة، فلا تستعملي هذه الأقراص التي تعرف بـ(رويال جيلي)، إلا أنه لا مانع أن تستعملي فيتامينات عامة، ويقال أن فيتامين (E) بالذات يساعد في النشاط، فيمكن أن تتناولي أي نوع من الفيتامينات يكون فيه تركيز فيتامين (E) أكثر، هذا مسموح به وهذا لا خطورة فيه أبداً على الحمل، ولكن الأهم من ذلك هو اللجوء إلى الأدوات التنظيمية السابقة التي ذكرتها لك.

أنصحك أيضاً بالدعاء، فهناك دعاء مأثور: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والغم وأعوذ بك من العجز والكسل)، أن تذكري كلمة الكسل (وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من سوء الكبر، وأعوذ بك من عذاب في القبر وعذاب في النار) وهكذا.. هذه الأدعية يجب أن نتأملها ويجب أن نؤمن أنها تساعدنا في مثل هذه المواقف.

أنت لست مريضة، هذا مجرد سلوك، والسلوك يمكن أن يعدل وسوف تعيدين التوازن -إن شاء الله- لساعتك البيولوجية وسوف تنتظم ويصبح النوم أقل، الآن أريدك أن تفرحي بهذا الحمل وأن تهيئي نفسك للوضع، وأسأل الله أن ييسر لك، وأن يحفظك وأن يهبك الذرية الصالحة، وأشكر هذا التواصل مع إسلام ويب.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً