الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

المخاوف المتعددة والناتجة عن الوساوس القهرية وكيفية علاجها

السؤال

السلام عليكم

أعاني من الخوف من الماء، والخوف من الظلمة ومن الأماكن المرتفعة، كما أني إذا دخلت مكاناً فيه ناس أرتبك وأتوتر ولا أعرف كيف أتكلم ولا كيف أتصرف، وإذا التقيت بعائلة زوجي أشعر بارتباك شديد، ولا أعرف كيف أتحدث ولا كيف أتصرف، حتى أني أحس بأني موضع سخرية من الجميع.

وقد كنت مصابة بالوسواس القهري ولكن تحسن ذلك ولله الحمد، كما أني أشعر بخوف من المستقبل، وأحياناً قليلة لا أشعر برغبة في إنجاب الأطفال (خوفاً عليهم)، والمشكلة أن المدينة التي أنا فيها لا يوجد بها أطباء نفسيون إلا اثنان، وهما تابعان للمستشفى الحكومي، ولا يحسنان معاملة المرضى، فأفيدوني.

وشكراً.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ريم حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن حالتك بدأت بوساوس قهرية كما ذكرت، ومن ثم أصبحت الآن تعانين من مخاوف متعددة منها الخوف من الماء والخوف من الظلام والأماكن المرتفعة، وأصبح لديك أيضاً درجة بسيطة مما نسميه بالخوف الاجتماعي أو الرهاب الاجتماعي، حيث إنك تجدين صعوبة وشعور بالارتباك في مواجهة أهل زوجك كما ذكرتِ.

هذا كله نوع من القلق النفسي، أي أن الوساوس والمخاوف بجميع أنواعها تأتي تحت مظلة تشخيص واحد وهو القلق النفسي، وشعورك أيضاً بعدم الرغبة في إنجاب الأطفال خوفاً عليهم هو شعور قلقي وسواسي وليس أكثر من ذلك.

أقول لك أن المخاوف والوساوس هي سلوك مكتسب، وكل شيء مكتسب يمكن أن يُفقد عن طريق التعليم المخالف أو التعليم المضاد، وأفضل طريقة لعلاج المخاوف والوساوس هي أن يتجاهلها الإنسان أو يحتقرها وأن يتجنبها، فمثلاً أنت تخافين من الماء، فقولي لنفسك: (لماذا أخاف من الماء؟ الماء مخلوق عظيم من مخلوقات الله وقد خُلق منه كل شيء)، وانظري إليه بإيجابية وتحقير للفكرة الوسواسية.

كما أن الخوف من الظلام لا داعي له أبداً، هذا نشاهده كثيراً وسط الأطفال، ولكنك الحمد لله بالنضوج والمقدرة التي تواجهينها فيه هذا النوع من الخوف.
عرضي نفسك بالتدريج للظلام، فادخلي الغرفة واجعليها في إضاءة خافتة، وبعد فترة يمكنك إطفاء الإضاءة كاملاً والجلوس في الغرفة والتأمل في الظلام وفي الليل وأن الله تعالى قد جعل الليل لباساً، وتذكري أن هنالك هرمونات معينة في جسم الإنسان لا تفرز إلا في أثناء الظلام، وهذه رحمة ونعمة كبيرة.

وهكذا بالنسبة للأماكن المرتفعة، أرجو أن تعرضي نفسك لها بالتدرج، فمثلاً اصعدي في مبنى شاهق للطابق الأول وانظري إلى أسفل المبنى لمدة خمس دقائق، وكرري ذلك خمس مرات متتالية، وبعد ذلك اصعدي مثلاً للطابق الثاني ثم الطابق الثالث، وهكذا.

وعليك أيضاً أن تتأملي وتنظري إلى هؤلاء العمال الذين يعملون في العمارات الشاهقة دون أي خوف، وهؤلاء العمال الذين ينظفون هذه البنايات الشاهقة، وقولي لنفسك: (ما الذي يجعلني أخاف) وهكذا، هذا نوع من التعريض السلوكي الذي يعتبر جيداً ومفيداً.

وبالنسبة للمخاوف الوسواسية، عليك أيضاً بتحقيرها، فما الذي يجعلك لا ترغبين في الإنجاب، أبداً الأطفال هم نعمة من نعم الله، أسأل الله تعالى أن يرزقك الذرية الصالحة وأن يحفظهم وأن يجعلهم قرة عين لك، ولا تخافي أبداً عليهم فهم في حرز الله وفي حفظه.

بقي أن أقول لك أنك في حاجة إلى علاج دوائي، وبفضل الله تعالى توجد الآن أدوية جيدة وفعالة وممتازة جدّاً لعلاج هذا النوع من المخاوف والوساوس، كما أن هذه الأدوية تؤدي إلى تحسن كبير في المزاج، الدواء الذي أود أن أصفه لك يعرف تجارياً باسم (زيروكسات Seroxat) ويسمى أيضاً في المغرب باسم (ديروكسات Deroxat)، واسمه علمياً هو (باروكستين Paroxetine)، أرجو الحصول عليه، وبعد ذلك ابدئي في تناوله بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – ليلاً لمدة أسبوعين، ويفضل تناوله بعد الأكل، وبعد ذلك ارفعي الجرعة إلى حبة كاملة، واستمري عليها لمدة شهرين، ثم ارفعي الجرعة إلى حبة ونصف ليلاً – أي ثلاثين مليجراماً – استمري عليها لمدة شهرين، ثم ارفعيها إلى حبتين في اليوم، تناوليها إما حبتين في المساء أو بمعدل حبة صباحاً وحبة مساءً، وهذه هي الجرعة العلاجية في مثل حالتك، علماً بأن الجرعة القصوى هي حتى أربع حبات في اليوم، ولكنك لست في حاجة لهذه الجرعة، استمري على جرعة حبتين يومياً لمدة أربعة أشهر، ثم بعد ذلك خفضي الجرعة إلى حبة ونصف يومياً لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم إلى حبة واحدة يومياً لمدة ستة أشهر أخرى، ثم إلى نصف حبة يومياً لمدة شهر، ثم إلى نصف حبة يوماً بعد يوم لمدة شهر، ثم توقفي عن تناول الدواء.

الديروكسات دواء فعال لعلاج المخاوف والوساوس وقد وصفنا لك جرعة البداية ثم الجرعة العلاجية ثم جرعة الوقاية، وكيفية التوقف التدريجي من تناول الدواء.

أرجو أن تلتزمي التزاماً قاطعاً بالجرعة كما وصفناها لك وكذلك المدة الزمنية، وهي ليست مدة طويلة أبداً، وأنا على ثقة كاملة بإذن الله تعالى أنك سوف تحسين بتحسن كبير جدّاً بعد تناول الدواء، كما أن الدواء يسهل عليك كثيراً تطبيق التمارين السلوكية التي تقوم على مواجهة مصادر الخوف.

ويمكنك الاطلاع على هذه الاستشارات حول العلاج السلوكي للرهاب: (259576-261344-263699-264538)، والعلاج السلوكي للمخاوف: (262026-262698-263579-265121)، نسأل الله لك الشفاء والعافية.

وبالله التوفيق والسداد.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً