الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

رفضت عمل مخطوبتي بعد الزواج ولكنها تصر عليه، فما رأيكم؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تعرفت إلى امرأة بقصد الزواج، وأعلمتها بأني أرفض عملها خارج البيت، خصوصاً أني -ولله الحمد- قادر على إعالة عائلة بدون الحاجة إلى مورد رزق إضافي.

لكنها ألحَت على العمل بعلة أنها لم تدرس وتتعب في طلب العلم لتبقى في المنزل، فرفضت لعدة أسباب دينية بالأساس، كما أني أرغب منها التفرغ لتربية الأبناء إن رزقنا الله بهم، وفي النهاية طلبت مني السماح لها على الأقل بالالتحاق ببعثة لمشروع دورها فيه ينحصر في الإدارة فقط، مما يجعلها حسب رأيها متفرغةً لفترة كافية للعناية بي وبأبنائها وبالبيت، فهل يفترض مني التنازل عن موقفي والسماح لها، أم الأولى أن أصر على موقفي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ نوفل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فيسرنا -أيها الحبيب- أن نرحب بك في موقعك استشارات إسلام ويب، ونحن نشكر لك حرصك على صيانة من ستتزوجها، وحفظها في بيتها، وهذا دليل على رجاحة عقلك، وإدراكك للمصالح والمفاسد المترتبة على خروج المرأة من البيت.

والأمر كما تفطنت له -أيها الحبيب-، فقد أصبت كل الإصابة حين أدركت أهمية بقاء المرأة في بيتها، فإن هذه الوظيفة من أجل الوظائف، بل أجل وظائف المرأة القيام بشؤون أبنائها في البيت، وهذه الوظيفة فيها صناعة للإنسان، ولهذا ندبنا -صلى الله عليه وسلم- ودعانا في أحاديث كثيرة لاختيار المرأة الصالحة؛ لأنها تتقي الله تعالى في بيتها وفي زوجها وفي أبنائها، فلا يجد الإنسان من ورائها إلا كل خير، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (الدنيا متاع، وخير متاعها المرأة الصالحة).

فرأيك سديد كل السداد حينما طلبت من هذه المرأة أن توافق على أن تبقى في البيت، لا سيما وقد يسر الله لك أسباب الرزق، وأعطاك القدرة على الإنفاق عليها وعلى أبنائك، وكان ينبغي لها أن تشكر هذه النعمة لله تعالى، وتعرف فضل الله تعالى عليها بأن رزقها هذا الرزق، وساق إليها هذا التيسير، بأن من يريد الزواج بها سيتكفل بها دون عناء منها ولا مشقة كما يفعل كثير من النساء.

ونصيحتنا لك -أيها الحبيب-: أن تسعى جاهدًا في بيان المصالح المترتبة على بقاء المرأة في بيتها، وأن تبين لها شرف هذه الوظيفة وأهميتها على نفسها وعلى بيتها وعلى الأمة بكمالها، فليست مهمةً سهلةً، بل هي على ثغر عظيم من ثغور الإسلام إذا هي احتسبت أجرها، ووفت هذه الوظيفة حقها من الاعتناء بأبنائها.

فحاول أن ترشدها عن طريق بعض محارمك إلى سماع بعض المواد المسجلة، وهي كثيرة في المواقع التربوية، ومنها هذا الموقع المبارك، أن تُسمع بعض الأشرطة والمواد التي فيها حث المرأة على القيام بحقوق أبنائها، والبيت ونحو ذلك، وأكثر من دعاء الله تعالى أن يهديها إلى السبيل الأقوم، وأن يدفع عنها نزغات الشيطان.

حاول أن تشعرها بأهمية هذا الدور الذي ستقوم به، وأنه ينبغي لها أن تنمي ثقافتها حول هذا الدور، وينبغي لها أن تبذل وقتًا طويلاً في التعلم للقيام بهذه الوظيفة على الوجه الأكمل، وأن هذا هو ثمرة العلم الحقيقي لها، وهذا خير لها وأنفع في دينها ودنياها، وخير لها وأنفع في آخرتها، فإن الإنسان إذا مات انقطع عمله إلا من ولد صالح -كما جاء في الحديث- إلا من ثلاثة، ومنها: (أو ولد صالح يدعو له)، فلو خلفت في هذه الدنيا أبناءً صالحين، وبنات صالحات، فإنها قد فازت كل الفوز.

ومن ثم فنصيحتنا لك: أن تستمر في هذا الدرب، وتحاول إقناعها، وبيان المميزات والثمار الحسنة التي يُثمرها بقاؤها بين أبنائها، وبيان المفاسد أيضًا التي قد تتعرض لها، مع بيان حالات النساء اللاتي يعانين ما يعانين من وراء العمل.

وأما عن خروجها لهذا المشروع بخصوصه، أو إشرافها عليه من حيث الجواز أو عدمه: فهذا راجع إلى مدى اختلاطها بالرجال، وهل هو ملائم لعمل المرأة لفطرتها، ولخصائصها ولقدراتها، وهل هي في مأمن من الوقوع في حبائل الشيطان من خلال التعرف إلى الرجال الأجانب عنها أو نحو ذلك؟

كل هذه العوامل مؤثرة في أخذ الرأي حول مشاركتها في هذا العمل أو عدم مشاركتها، ولكن لا شك ولا ريب أنه إن أمكنك أن تقنعها أن لا تخرج فهذا خير لها ولك وللأبناء وللبيت، وإذا رأيت أن في الأمر صعوبةً، وكان في خروجها الالتزام بالضوابط الشرعية فلا حرج -إن شاء الله- في أن توافقها على ذلك الخروج، ولعلها تقتنع بعد أن تتعب قليلاً، لكن لا ينبغي لك أبدًا أن تتهاون وتتكاسل عن إقناعها في البقاء في بيتها، أما إذا كان خروجها متضمن لأشياء محرمة: ككشفها لما لا يجوز كشفه من بدنها، أو خلوتها بالرجال الأجانب، أو اختلاطها بهم على وجه الريبة، فهذا كله حرام لا يجوز لها أن تفعله، ولا يجوز لك أنت أن توافقها عليه.

هذا كله -أيها الحبيب- إنما قلناه على فرض أنك قد تعلقت بهذه المرأة، وتريدها زوجةً، وبقي من الخلاف بينكما هذه الجزئية، وإذا كان الأمر بخلاف ذلك، فإن نصيحتنا لك أن تحرص على اختيار المرأة الصالحة القادرة على تنشئة أبنائها تنشئةً حسنةً، المستعدة للصبر على البقاء في البيت، والقيام بحق التربية للأبناء، والوفاء بحق الزوج، وهي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

وهذا النوع من النساء كثير -ولله الحمد-، وما عليك إلا أن تتعرف إلى الرجال الصالحين، وتكثر من مجالستهم، وسيدلونك على هذا النوع من النساء.

وآخر ما نوصيك به -أيها الحبيب- تقوى الله تعالى، والحذر كل الحذر من استدراج الشيطان لك عن طريق التعرف على النساء الأجنبيات بحجة اختيار الزوجة، فذاك مزلق خطر من مزالق الشيطان، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظنا وإياك ويقدر لك الخير حيث كان.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً