الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

التشوق للأهل وعدم السعادة برؤيتهم .. تقييم الشخصية وتوجيهها

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شخص أعمل في منطقة، وأهلي (الوالدان وإخوتي) يسكنون في منطقة أخرى، أشتاق لأهلي جداً، وعندما آخذ إجازة وأذهب لهم، وبعد وصولي لهم بيوم مثلاً أشعر بحزن شديد يمنعني من التحدث لهم، وملاطفة والديّ وإخواني، فما سبب ذلك؟ وهل استخدام العقاقير المضادة لاكتئاب مؤقت مفيدة في هذه الحالة، أو عند عمل مقابلة شخصية مثلاً فقط دون الاستمرار على هذه العقاقير؟!

وجزاكم الله خيراً، ونفع بكم الإسلام والمسلمين، وسدد خطاكم.

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ صالح حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فلا أعتقد أنك تعاني من مرض حقيقي، فإن التشوق للأهل خاصة حينما يكون الشخص بعيداً عنهم هو أمر طبيعي، ويعتبر تفاعلا وجدانيا متوازنا، والجانب الآخر: وهو أنك حين تذهب وتلاقي أهلك لا تشعر بدرجة السعادة التي كنت تنتظرها، بل على العكس تماماً تصاب بشيء من الحزن للدرجة التي تمنعك التفاعل الإيجابي مع أهلك.

هذا ربما يكون شيئاً مما نعرف من ضعف النفس البشرية، فالنفس البشرية تتمنى الكثير من الأشياء وتنجذب نحوها، وحين تتحقق هذه الأشياء ربما لا تحس بنفس اللذة وبنفس المتعة التي كانت تنتظرها، هو نوع من تقلب المزاج إذا جاز التعبير، فالذي تعاني منه يمكننا أن ندرجه تحت تقلب المزاج الوجداني.

الذي أراه هو أن تحاول دائماً حين تأتيك هذه النوبات من الحزن وعدم المقدرة على ملاطفة الوالدين والإخوة، يجب أن تخاطب نفسك ولا تستسلم أبداً لهذا النوع من العاطفة السلبية، قل لنفسك: (أنا الآن بفضل الله أتيحت لي فرصة أن ألتقي بأهلي وأحبابي، يجب أن أنشرح لهذا الأمر، يجب أن أعيش لحظات طيبة وسعيدة معهم).

الذي أقصده هو أن لا تستسلم للمشاعر السلبية، نحن لا نستطيع أن نحدد بالضبط ما هو سبب هذه المشاعر السالبة، وكما ذكرت لك ربما تكون مرتبطة بشخصيتك أو عسر في المزاج واضطراب فيه، ولكن وسيلة العلاج الواحدة، وهي أن نرفض الفكر الوجداني السلبي ونبني طاقات نفسية إيجابية.

فبالتفكر والتأمل وعدم الاستسلام لهذه المشاعر من حزن وافتقاد التفاعل مع الوالدين برصدها واستبدالها بما هو مخالف أعتقد أنك تستطيع أن تحس أن عواطفك أصبحت أكثر توازناً.

استعمال مضادات الاكتئاب لا أعتقد أنه سوف يفيد كثيراً، لأنك لا تعاني من اكتئاب حقيقي، إنما هو تقلب في المزاج، وربما تفيدك الأدوية البسيطة المضادة للقلق مثل عقار يعرف تجارياً باسم (فلوناكسول Flunaxol)، ويعرف علمياً باسم (فلوبنتكسول Flupenthixol)، بجرعة صغيرة، هو الذي أنصح به في مثل حالتك، والجرعة المطلوبة في حالتك هي حبة واحدة وقوة الحبة هي نصف مليجرام، استعمله بصفة يومية لمدة شهرين، وبعد ذلك يمكنك أن تتواصل معنا لنعرف مدى التحسن الذي طرأ على حالتك من عدمه.

أريدك أيضاً أن تواظب على التمارين الرياضية، أن تطور من صلاتك ومهارتك الاجتماعية، وأعتقد أن مشاعرك الإيجابية هذه نحو والديك والتشوق لهما هي نوع من البر، فانظر إلى هذا الأمر من هذه الناحية أن لقاءك مع والديك، وحبك لهما، وانشراحك عند هذا اللقاء، هو أيضاً ركيزة من ركائز البر، نسأل الله لك التوفيق والسداد.

وبالله التوفيق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأكثر مشاهدة

الأعلى تقيماً