الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

توبتك مقبولة، ولا تقنط من رحمة الله

السؤال

بعد سلام الله عليكم ورحمته أشعر وأن نفسي تعذب كل لحظة وأحس كما لو أن الدنيا كلها ضيقة في نظري والكآبة لا تتركني أبداً فحاولت أن أصارح نفسي وأفسر عما أنا فيه من ضيق وكرب في روحي ورزقي فوجدت ذنوبا أتيتها من قبل هي التي تقف أمامي ومع علمي الشديد بأن الله غفور رحيم إلا أن نفسي لا تستمتع بالغفران علما بأن رد المظالم لا يمكن إذ أنها مظالم معنوية لا أثر مادي لها يمكن للمرء أن يرد المظلمة مع العلم بأنني شديد الحساسية لأي رد فعل وخجول للغاية مما يضعف من عزيمتي في مقاومة هذه الأفكار وأعلم أن الله موجود وأنه غفار للذنب وقابل للتوب شديد العقاب ذي الطول ومع ذلك لا أدري ما أنا فيه؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فما دامت الذنوب التي اقترفتها ليست فيها حقوق مادية لآدميين، وقد تبت إلى الله عز وجل منها، وندمت على فعلها، وعلمت أنها كانت سبب نكد عيشك، وضيق صدرك، فأبشر بكل خير، فالتوبة تَجُبُّ ما قبلها، فكل الذنوب التي عملتها يغفرها الله مهما كثرت وفحشت.
وعليك أن تعلم أن الأمر أكبر من هذا وأعظم، ألا وهو: أن الله عز وجل يقلبها إلى حسنات، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) [الفرقان:68-70].
فانظر رعاك الله كيف أن الله بدل أعظم الذنوب وهو الشرك به، وقتل النفس، والزنى إلى حسنات، واعلم أن ما تحسه من يأس وقنوط من الشيطان ، يريد أن يقنطك من رحمة الله، والله يقول في كتابه: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر:53]، وقال الله تعالى: (قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) [الحجر:56]، واعلم أخي أنك غدوت بعد توبتك حبيب الله تعالى، ومن المقربين إليه، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ) [البقرة:222].
فاصدق في توبتك، وأخلص نيتك بصدقك فيما وعدك، واحذر من كيد الشيطان، والجأ إلى الله عز وجل، وافرح بنعمة الله عليك، فالله يقول: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس:58].
والتوبة من أعظم النعم على العبد .
وإذا كانت الذنوب التي اقترفتها لها تعلق بالعباد مثل اغتيابهم وشتمهم وما إلى ذلك، فينبغي استسماحهم، وطلب العفو منهم إذا أمكن ذلك ولم يترتب عليه مفسدة أعظم منه، وإلا فعليك بالإكثار من الاستغفار لهؤلاء الذين لهم عليك حقوق، وبذكرهم بالخير في الأماكن التي ذكرتهم فيها بسوء، وعليك أيضاً بكثرة الطاعات، والأعمال الصالحة التي تزيد في حسناتك. والله أعلم.






مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني