الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تذكر أثناء الصلاة أنه لم يغسل وجهه، فما الذي يجب عليه؟

السؤال

نسيت غسل الوجه في الوضوء ولم أتذكره إلا أثناء الصلاة، فما هو الحكم؟ ونسيت مسح الرأس ولم أتذكره إلا بعد الانتهاء من الصلاة، فما هو الحكم؟ ولماذا قسم السادة المالكية شروط الوضوء إلى ثلاثة أقسام؟ وهل انفرد السادة المالكية بهذا التقسيم دون غيرهم من المذاهب؟ وشكرًا لكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن غسل الوجه ومسح الرأس من فرائض الوضوء المتفق عليها، لقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا {المائدة:6}.

فمن تذكر أثناء الصلاة أنه نسي فرضًا من هذه الفرائض، سواء كان غسل الوجه، أو مسح الرأس، قطع الصلاة، لأنه ليس على وضوء كامل، ومن تذكر ذلك بعد انتهاء الصلاة لم تصح صلاته أيضًا لما تقدم، ثم إن تذكرعن قرب، فعليه في مسألة نسيان غسل الوجه غسله مع إعادة باقي الوضوء، وفي مسألة نسيان مسح الرأس مسحه مع إعادة باقي الوضوء مراعاة للترتيب، لأنه من فروض الوضوء على الراجح، وإن لم يذكر حتى طال الفصل، فعليه عند الحنابلة إعادة الوضوء، لأن الموالاة في الوضوء من فروضه عندهم، وهي أيضًا من فروضه عند المالكية، ولكن مع الذكر والقدرة، والواجب عند المالكية في حالة النسيان أن يغسل ما نسي من الأعضاء عند تذكره فورًا بنية إكمال الوضوء دون إعادة بقيته، لفوات الموالاة بالنسيان، ففي الشرح الكبير على مختصر خليل في الفقه المالكي: ومن ترك فرضًا من فروض الوضوء، ومثله الغسل غير النية أو لمعةً تحقيقًا أو ظنًا، أتى به بعد تذكره فورًا وجوبًا، وإلا بطل وضوؤه بنية إكمال وضوئه وبالصلاة التي كان صلاها بالناقص، هذا إذا كان الترك سهوًا مطلقًا طال ما قبل التذكر أو لا. انتهى.

وانظر الفتوى: 134845. ولمعرفة مذاهب العلماء في حكم الموالاة في الوضوء وضابطها تراجع الفتوى: 121906.

وبهذا تتم الإجابة على السؤال الأول والثاني.

أما عن السؤال الثالث: فإن كان المراد بالأقسام المذكورة شروط الوجوب وشروط الصحة وشروط الوجوب والصحة معًا، فهي لبيان متى يجب الوضوء ومتى يصح ومتى لا يجب ولا يصح، وهذ التقسيم موجود لدى المذاهب الفقهية الأخرى مع بعض الاختلاف، ففي كتاب الفقه على المذاهب الأربعة للشيخ: عبد الرحمن الجزيري: تنقسم شروط الوضوء إلى ثلاثة أقسام:

الأول: شروط الوجوب.
الثاني: شروط الصحة.
الثالث: شروط الوجوب والصحة معا.

والمراد بشروط الوجوب: الشروط التي توجب على المكلفين أن يتوضؤوا بحيث إذا فقدت هذه الشروط أو بعضها لم يجب الوضوء.

والمراد بشروط الصحة: الشروط التي لا يصح الوضوء بدونها.

والمراد بشرط الوضوء والصحة معًا: الشروط التي إذا فقد منها شرط، فإن الوضوء لا يجب ولا يصح إذا وقع. انتهى.

ثم فصل فيها وبين ما اختلف فيه منها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني