الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

نوعية طعام المائدة التي دعا عيسى بنزولها

السؤال

ما مكونات المائدة التي طلبها عيسى -عليه السلام- لقومه من ربه؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم أما بعد:

فقد ذكر المفسرون أقوالًا في تحديد الطعام الذي اشتملت عليه المائدة، وأكثر الأقوال متفقة على أنها سمك وأرغفة، وقيل: أنزل عليها كل شيء إلا اللحم، وقيل غير ذلك، وليس في تحديد نوع هذا الطعام حديث مرفوع إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وإنما هي آثار عن الصحابة والتابعين.

وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن المائدة نزلت على عيسى -عليه السلام- ومن معه استجابة لدعائه، كما في قوله تعالى: قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ * قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ {المائدة :114-115}.

وذهب بعض التابعين، ومنهم مجاهد والحسن إلى أنها لم تنزل، وأن الحواريين قالوا لا حاجة لنا فيها حين قال الله تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ ... الآية {المائدة:115}.

قال الإمام ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: ‌وَقَدْ ‌يَتَقَوَّى ‌ذَلِكَ ‌بِأَنَّ ‌خَبَرَ ‌الْمَائِدَةِ لَا تَعْرِفُهُ النَّصَارَى، وَلَيْسَ هُوَ فِي كِتَابِهِمْ، وَلَوْ كَانَتْ قَدْ نَزَلَتْ لَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا يَتَوَفَّرُ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ، وَكَانَ يَكُونُ مَوْجُودًا فِي كِتَابِهِمْ مُتَوَاتِرًا، وَلَا أَقَلَّ مِنَ الْآحَادِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَكِنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهَا نَزَلَتْ، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: لِأَنَّهُ تَعَالَى أَخْبَرَ بِنُزُولِهَا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنِّي مُنزلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} قَالَ: وَوَعْدُ اللَّهُ وَوَعِيدُهُ حَقٌّ وَصِدْقٌ.
وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ -وَاللَّهُ أَعْلَمُ- الصَّوَابُ، كَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَارُ وَالْآثَارُ عَنِ السَّلَفِ وَغَيْرِهِمْ. انتهى.

والله أعلم .

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني