الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

الشركة المتناقصة؛ تعريفها وشروط صحتها.

السؤال

نحن ثلاثة أصدقاء اتفقنا على إقامة مشروع زراعي حيث سأقوم أنا بدفع رأس المال لإقامة المشروع والآخران بالمجهود، وقد اتفقنا على نسبة معلومة من جملة الأرباح، أما ما يخص رأس المال وكيفية استرداده: فقد اتفقا معي على طريقة شراء رأس المال كالتالي: بعد أن نقتسم الأرباح ويأخذ كل فرد نصيبه يقوم كل واحد منهما بإعطائي جزءا من هذه الأموال بنية شراء جزء من رأس المال وتستمر هذه الطريقة حتى أسترد ثلثي المال الذي دفعته ويبقى الثلث الأخير ـ وهو نصيبي من رأس المال ـ وبهذا نكون شركاء برأس مال متساو، فهل هذه الطريقة جائزة؟ وإذا لم تكن جائزة، فما هي الطريقة الشرعية لأسترد بها رأس مالي؟.
وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد ذكرت أن رأس المال منك، وأن صاحبيك سيعملان في استثمار المال وإدارته في المشروع، وأن الربح سيقسم بينكم حسب ما اتفقتم عليه، وإذا كان كذلك، فهذا العقد عقد مضاربة، وهي: أن يدفع رجل ماله إلى غيره لاستثماره, على أن ما حصل من الربح بينهما حسب ما يشترطانه، فيكون صاحب المال مشاركاً بماله، والمضارب بعمله، قال الخرقي من الحنابلة: وإن اشترك بدنان بمال أحدهما، أو بدنان بمال غيرهما، أو بدن ومال، أو مالان وبدن صاحب أحدهما، أو بدنان بماليهما ـ تساوى المال أو اختلف ـ فكل ذلك جائز. انتهى.

وفي المغني لابن قدامة: ويجوز أن يدفع مالا إلى اثنين مضاربة في عقد واحد، فإن شرط لهما جزءا من الربح بينهما نصفين جاز، وإن قال لكما كذا وكذا من الربح ولم يبين كيف هو.. بينهما نصفان، لأن إطلاقه قوله: لكما ـ يقتضي التسوية.

ولا يجوز اشتراط ضمان رأس المال، كما بينا في الفتوى رقم: 173709.

وأما مسألة دخولهما في رأس المال عند تحقق ربح: فلا حرج في ذلك بأن تجعل المشروع أسهما أو أجزاء، فيشتريان منها جزءا جزءا بسعر السوق في وقت شرائهما ـ ولا يجوز التعهد بشراء الحصص بقيمتها عند ابتداء المشروع، لأن هذا ضمان لحصص الشريك، وهو ممنوع، وهكذا حتى يشتريا ثلثي المشروع، وتصبحوا شركاء في المشروع بالتساوي في رأس ماله، ولا يجوز أن يتضمن ذلك مواعدة ملزمة للطرفين، وإنما وعد من أحدهما، ويكون للآخر الخيار، وهذه المعاملة تدخل فيما يسمى بالمشاركة المتناقصة، وقد صدر فيها قرار مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورته الخامسة عشرة بمسقط ـ سلطنة عُمان ـ 14ـ 19 المحرم 1425هـ، الموافق 6 ـ 11 آذار ـ مارس ـ 2004م ، وجاء فيه:

1ـ المشاركة المتناقصة: معاملة جديدة تتضمن شركة بين طرفين في مشروع ذي دخل يتعهد فيها أحدهما بشراء حصة الطرف الآخر تدريجاً سواء كان الشراء من حصة الطرف المشتري في الدخل أم من موارد أخرى.
2ـ أساس قيام المشاركة المتناقصة: هو العقد الذي يبرمه الطرفان ويسهم فيه كل منهما بحصة في رأس مال الشركة، سواء أكان إسهامه بالنقود أم بالأعيان بعد أن يتم تقويمها، مع بيان كيفية توزيع الربح، على أن يتحمل كل منهما الخسارة ـ إن وجدت ـ بقدر حصته في الشركة.
3ـ تختص المشاركة المتناقصة بوجود وعد ملزم من أحد الطرفين فقط، بأن يتملك حصة الطرف الآخر، على أن يكون للطرف الآخر الخيار، وذلك بإبرام عقود بيع عند تملك كل جزء من الحصة، ولو بتبادل إشعارين بالإيجاب والقبول.

يجوز لأحد أطراف المشاركة استئجار حصة شريكه بأجرة معلومة ولمدة محددة، ويظل كل من الشريكين مسئولاً عن الصيانة الأساسية بمقدار حصته.

5ـ المشاركة المتناقصة مشروعة إذا التُزم فيها بالأحكام العامة للشركات، وروعيت فيها الضوابط الآتية:

أ ـ عدم التعهد بشراء أحد الطرفين حصة الطرف الآخر بمثل قيمة الحصة عند إنشاء الشركة، لما في ذلك من ضمان الشريك حصة شريكه، بل ينبغي أن يتم تحديد ثمن بيع الحصة بالقيمة السوقية يوم البيع، أو بما يتم الاتفاق عليه عند البيع...

دـ الفصل بين العقود والالتزامات المتعلقة بالمشاركة. انتهى.

وجاء في المعايير الشرعية ص: 206 ـ ولابد أن تكون الشركة غير مشترط فيها البيع والشراء، وإنما يتعهد الشريك بذلك بوعد منفصل عن الشركة، وكذلك يقع البيع والشراء بعقد منفصل عن الشركة، ولا يجوز أن يشترط أحد العقدين في الآخر. انتهى.

وعليه، فإذا روعيت هذه الضوابط فلا حرج في الشركة المتناقصة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني